اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) «٥ : ٩٨».
وهي من الصفات الفعلية ، وليست رقّة القلب مأخوذة في مفهومها ، بل هي من لوازمها في البشر. فالرحمة ـ دون تجرّد عن معناها الحقيقي ـ من صفات الله الفعلية كالخلق والرزق ، يوجدها حيث يشاء. قال عزوجل :
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ١٧ : ٥٤ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ٢٩ : ٢١).
حسب ما تقتضيه حكمته البالغة. وقد ورد في الآيات طلب الرحمة من الله سبحانه :
(وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) «٢٣ : ١١٨».
وقال غير واحد من المفسرين وبعض اللغويين : إن صيغة الرحمن مبالغة في الرحمة ، وهو كذلك في خصوص هذه الكلمة ، سواء أكانت هيئة فعلان مستعملة في المبالغة أم لم تكن ، فان كلمة «الرحمن» في جميع موارد استعمالها محذوفة المتعلق ، فيستفاد منها العموم وأن رحمته وسعت كل شىء. ومما يدلنا على ذلك أنه لا يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحمان ، كما يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحيم.
وكلمة «الرحمن» بمنزلة اللقب من الله سبحانه ، فلا تطلق على غيره تعالى ، ومن أجل ذلك استعملت في كثير من الآيات الكريمة من دون لحاظ مادتها قال سبحانه :
(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ ٣٦ : ١٥. إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ : ٢٣. هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ : ٥٢. ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ٦٧ : ٣).