وعلى هذا فليس لمخلوق أن يستشفع بمخلوق مثله ، ويجعله واسطة بينه وبين ربه ، ففي ذلك تبعيد للمسافة ، بل وفيه إظهار للحاجة إلى غير الله وما ذا يصنع محتاج بمحتاج مثله؟ وما ذا ينتفع العاصي بشفاعة من لا ولاية له ولا سلطان؟ بل :
(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ٣٠ : ٤. قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ٣٩ : ٤٤).
هذا كله إذا لم تكن الشفاعة بإذن من الله سبحانه ، وأما إذا أذن الله بالشفاعة لأحد فإن الاستشفاع به يكون نحوا من الخضوع لله والتعبد له ، ويستفاد من القرآن الكريم أن الله تعالى قد أذن لبعض عباده بالشفاعة ، إلا أنه لم ينوّه بذكر هم عدا الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد قال الله تعالى :
و (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ١٩ : ٨٧. يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ ٢٠ : ١٠٩. وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ٣٤ : ٢٣. وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ٤ : ٦٤).
والروايات الواردة عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن أوصيائه الكرام عليهمالسلام في هذا الموضوع متواترة.
أحاديث الشفاعة عند الامامية :
أما الروايات من طريق الشيعة الامامية فهي أكثر من أن تحصى ، وأمر الشفاعة عندهم أوضح من أن يخفى ، ونكتفي بذكر رواية واحدة منها :