من محمد وأصحابه» فأباده الله وجمعه ، وأنار الحق ورفع مناره ، وأعلى كلمته ، فانهزم الكافرون ، وظفر المسلمون عليهم حينما لم يكن يتوهم أحد بأن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ـ ليس لهم عدة ، ولا يصحبون غير فرس أو فرسين وسبعين بعيرا يتعاقبون عليها ـ يظفرون بجمع كبير تام العدّة وافر العدد ، وكيف يستفحل أمر أولئك النفر القليل على هذا العدد الكثير ، حتى تذهب شوكته كرماد اشتدّت به الريح ، لو لا أمر الله وإحكام النبوة وصدق النيّات؟!
ومنها قوله تعالى :
(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ ... سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ. وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) «١١١ : ٢».
وقد تضمنت هذه السورة نبأ دخول أبي لهب ، ودخول زوجته النار. ومعنى ذلك هو الإخبار عن عدم تشرفهما بقبول الإسلام إلى آخر حياتهما ، وقد وقع ذلك.
٦ ـ القرآن وأسرار الخليفة :
أخبر القرآن الكريم في غير واحدة من آياته عما يتعلق بسنن الكون ، ونواميس الطبيعة ، والأفلاك ، وغيرها مما لا سبيل إلى العلم به في بدء الإسلام إلا من ناحية الوحي الإلهي. وبعض هذه القوانين وإن علم بها اليونانيون في تلك العصور أو غيرهم ممن لهم سابق معرفة بالعلوم ، إلا أن الجزيرة العربية كانت بعيدة عن العلم بذلك. وإن فريقا مما أخبر به القرآن لم يتضح إلا بعد توفر العلوم ، وكثرة الاكتشافات. وهذه الأنباء في القرآن كثيرة ، نتعرض لها عند تفسيرنا الآيات التي تشير إليها إن شاء الله تعالى.