والتناقض. وفيها كفاية لمن طلب الحق ، وجانب التعصب والعناد. (١)
٣ ـ القرآن في نظامه وتشريعه :
يبدو لكل متتبع للتاريخ ما كانت عليه الأمم قبل الإسلام من الجهل ، وما وصلت اليه من الانحطاط في معارفهم وأخلاقهم. فكانت الهمجية سائدة عليهم ، والغارات متواصلة فيما بينهم ، والقلوب متجهة الى النهب والغنيمة ، والخطى مسرعة الى إصلاء نيران الحروب والمعارك. وكان للعرب القسم الوافر من خرافات العقيدة ، ووحشية السلوك ، فلا دين يجمعهم ، ولا نظام يربطهم وعادات الآباء تذهب بهم يمينا وشمالا ، وكان الوثنيون في بلاد العرب هم السواد الأعظم فكانت لهم ـ باختلاف قبائلهم وأسرهم ـ آلهة يعبدونها ويتخذونها شفعاء الى الله ، وشاع بينهم الاستقسام بالأنصاب والأزلام ، واللعب بالميسر ، حتى كان الميسر من مفاخرهم (٢) وكان من عاداتهم التزويج بنساء الآباء (٣) ولهم عادة اخرى هي أفظع منها ـ وهي وأد البنات ـ دفنهن في حال الحياة. (٤)
هذه بعض عادات العرب في جاهليتهم. وحين بزغ نور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأشرقت شمس الإسلام في مكة ، تنوّروا بالمعارف ، وتخلّقوا بمكارم الأخلاق ، فاستبدلوا الوثنية بالتوحيد ، والجهل بالعلم ، والرذائل بالفضائل ، والشقاق والتخالف بالإخاء والتآلف ، فأصبحوا أمة وثيقة العرى مدّت جناح ملكها على العالم ، ورفعت أعلام
__________________
(١) وللزيادة راجع كتابي «الهدى ، والرحلة المدرسية» لشيخنا البلاغي قدسسره وكتابنا «نفحات الاعجاز».
(المؤلف)
(٢) بلوغ الارب : ٣ / ٥٠ ، طبع مصر.
(٣) نفس المصدر : ٢ / ٥٢.
(٤) نفس المصدر : ٣ / ٤٣.