أقول : أما أن عثمان جمع المسلمين على قراءة واحدة ، وهي القراءة التي كانت متعارفة بين المسلمين ، والتي تلقوها بالتواتر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنه منع عن القراءات الأخرى المبتنية على أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف ، التي تقدم توضيح بطلانها. أما هذا العمل من عثمان فلم ينتقده عليه أحد من المسلمين ، وذلك لأن الاختلاف في القراءة كان يؤدي إلى الاختلاف بين المسلمين ، وتمزيق صفوفهم ، وتفريق وحدتهم ، بل كان يؤدي إلى تكفير بعضهم بعضا. وقد مرّ فيما تقدم بعض الروايات الدالّة على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منع عن الاختلاف في القرآن ، ولكن الأمر الذي انتقد عليه هو إحراقه لبقية المصاحف ، وأمره أهالى الأمصار بإحراق ما عندهم من المصاحف ، وقد اعترض على عثمان في ذلك جماعة من المسلمين ، حتى سمّوه بحرّاق المصاحف.
النتيجة :
ومما ذكرناه : قد تبين للقارئ أن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال ، لا يقول به إلا من ضعف عقله ، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل ، أو من ألجأه إليه يجب القول به. والحب يعمي ويصم ، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته. / ١٥