القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا أكثر من أن تحصى أسماؤهم ، فكيف يمكن حصرهم في أربعة أو ستة؟!! وإن المتصفح لأحوال الصحابة ، وأحوال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحصل له العلم اليقين بأن القرآن كان مجموعا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأن عدد الجامعين له لا يستهان به. وأما ما رواه البخاري بإسناده عن أنس ، قال : مات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، فهو مردود مطروح ، لانه معارض للروايات المتقدمة ، حتى لما رواه البخاري بنفسه. ويضاف إلى ذلك أنه غير قابل للتصديق به. وكيف يمكن أن يحيط الراوي بجميع أفراد المسلمين حين وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على كثرتهم ، وتفرقهم في البلاد ، ويستعلم أحوالهم ليمكنه أن يحصر الجامعين للقرآن في أربعة ، وهذه الدعوى تخرص بالغيب ، وقول بغير علم.
وصفوة القول : أنه مع هذه الروايات كيف يمكن أن يصدق أن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بعد خلافته؟ وإذا سلمنا ذلك فلما ذا أمر زيدا وعمر بجمعه من اللخاف ، والعسب ، وصدور الرجال ، ولم يأخذه من عبد الله ومعاذ وأبيّ ، وقد كانوا عند الجمع أحياء ، وقد أمروا بأخذ القرآن منهم ، ومن سالم؟ نعم إن سالما قد قتل في حرب اليمامة ، فلم يمكن الأخذ منه. على أن زيدا نفسه كان أحد الجامعين للقرآن على ما يظهر من هذه الرواية ، فلا حاجة إلى التفحص والسؤال من غيره ، بعد أن كان شابا عاقلا غير متهم كما يقول أبو بكر ، أضف إلى جميع ذلك أن أخبار الثقلين المتظافرة تدلنا على أن القرآن كان مجموعا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما سنشير إليه.
٣ ـ تعارض أحاديث الجمع مع الكتاب :
إن هذه الروايات معارضة بالكتاب ، فإن كثيرا من آيات الكتاب الكريمة دالة