فالمادة متواترة وإن اختلف في هيئتها أو في إعرابها ، وإحدى الكيفيتين أو الكيفيات من القرآن قطعا وإن لم تعلم بخصوصها.
تعقيب :
ومن الحق إن تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات. وقد اعترف بذلك الزرقاني حيث قال : يبالغ بعضهم في الإشادة بالقراءات السبع ، ويقول من زعم أن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر ، لأنه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملة ، ويعزى هذا الرأي إلى مفتي البلاد الأندلسية الأستاذ أبي سعيد فرج ابن لب ، وقد تحمّس لرأيه كثيرا وألف رسالة كبيرة في تأييد مذهبه. والرد على من رد عليه ، ولكن دليله الذي استند اليه لا يسلم. فإن القول بعدم تواتر القراءات السبع لا يستلزم القول بعدم تواتر القرآن ، كيف وهناك فرق بين القرآن والقراءات السبع ، بحيث يصح أن يكون القرآن متواترا في غير القراءات السبع ، أو في القدر الذي اتفق عليه القرّاء جميعا. أو في القدر الذي اتفق عليه عدد يؤمن تواطؤهم على الكذب قرّاء كانوا أو غير قرّاء (١).
وذكر بعضهم : ان تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، وانه لم يقع لأحد من أئمة الأصوليين تصريح بتواتر القراءات وتوقف تواتر القرآن على تواترها ، كما وقع لابن الحاجب (٢).
قال الزركشي في «البرهان» : للقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم للبيان والاعجاز ، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي
__________________
(١) مناهل العرفان : ص ٢٤٨.
(٢) التبيان : ص ١٠٥.