المتنبي ـ مثلا ـ لا يصادم تواتر القصيدة عنه وثبوتها له : وان اختلاف الرواة في خصوصيات هجرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينافي تواتر الهجرة نفسها.
٢ ـ ان الواصل إلينا بتوسّط القرّاء إنما هو خصوصيات قراءاتهم. وأما أصل القرآن فهو واصل إلينا بالتواتر بين المسلمين ، وبنقل الخلف عن السلف. وتحفظهم على ذلك في صدورهم وفي كتاباتهم ، ولا دخل للقراء في ذلك أصلا ، ولذلك فإن القرآن ثابت التواتر حتى لو فرضنا أن هؤلاء القرّاء السبعة أو العشرة لم يكونوا موجودين أصلا. وعظمة القرآن أرقى من أن تتوقف على نقل أولئك النفر المحصورين.
الرابع : ان القراءات لو لم تكن متواترة لكان بعض القرآن غير متواتر مثل «ملك» و «مالك» ونحوهما ... فإن تخصيص أحدهما تحكّم باطل. وهذا الدليل ذكره ابن الحاجب وتبعه جماعة من بعده.
الجواب :
١ ـ ان مقتضى هذا الدليل الحكم بتواتر جميع القراءات ، وتخصيصه بالسبع أيضا تحكّم باطل. ولا سيما أن في غير القرّاء السبعة من هو أعظم منهم وأوثق ، كما اعترف به بعضهم ، وستعرف ذلك. ولو سلمنا أن القرّاء السبعة أوثق من غيرهم ، وأعرف بوجوه القراءات ، فلا يكون هذا سببا لتخصيص التواتر بقراءاتهم دون غيرهم. نعم ذلك يوجب ترجيح قراءاتهم على غيرها في مقام العمل. وبين الأمرين بعد المشرقين ، والحكم بتواتر جميع القراءات باطل بالضرورة.
٢ ـ ان الاختلاف في القراءة إنما يكون سببا لالتباس ما هو القرآن بغيره ، وعدم تميزه من حيث الهيئة أو من حيث الإعراب ، وهذا لا ينافي تواتر أصل القرآن.