ولنذكر مثلا تقريبيا يتضح به للقارئ حقيقة الأمر بين الأمرين الذي قالت به الشيعة الإمامية ، وصرحت به أئمتها ، وأشار اليه الكتاب العزيز.
لنفرض إنسانا كانت يده شلاء لا يستطيع تحريكها بنفسه ، وقد استطاع الطبيب أن يوجد فيها حركة إراديّة وقتية بواسطة قوة الكهرباء ، بحيث أصبح الرجل يستطيع تحريك يده بنفسه متى وصلها الطبيب بسلك الكهرباء ، وإذا انفصلت عن مصدر القوة لم يمكنه تحريكها أصلا ، فإذا وصل الطبيب هذه اليد المريضة بالسلك للتجربة مثلا ، وابتدأ ذلك الرجل المريض بتحريك يده ، ومباشرة الأعمال بها ـ والطبيب يمده بالقوة في كل آن ـ فلا شبهة في أن تحريك الرجل ليده في هذه الحال من الأمر بين الأمرين ، فلا يستند الى الرجل مستقلا ، لأنه موقوف على إيصال القوة الى يده ، وقد فرضنا أنها بفعل الطبيب ولا يستند إلى الطبيب مستقلا ، لأن التحريك قد أصدره الرجل بإرادته ، فالفاعل لم يجبر على فعله لأنه مريد ، ولم يفوض اليه الفعل بجميع مبادئه ، لأن المدد من غيره ، والأفعال الصادرة من الفاعلين المختارين كلها من هذا النوع. فالفعل صادر بمشيئة العبد ولا يشاء العبد شيئا إلا بمشيئة الله. والآيات القرآنية كلها تشير الى هذا الغرض ، فهي تبطل الجبر ـ الذي يقول به أكثر العامة ـ لأنها تثبت الاختيار ، وتبطل التفويض المحض ـ الذي يقول به بعضهم ـ لأنها تسند الفعل الى الله. وسنتعرض إن شاء الله تعالى للبحث تفصيلا ، ولإبطال هذين القولين حين تتعرض الآيات لذلك.
وهذا الذي ذكرناه مأخوذ عن إرشادات أهل البيت عليهمالسلام وعلومهم وهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وإليك بعض ما ورد منهم :