فيترتب عليه كلما يترتب على القطع من الآثار ، فيصح الاخبار على طبقة كما يصح أن يخبر على طبق العلم الوجداني ، ولا يكون من القول بغير علم.
ويدلنا على ذلك سيرة العقلاء ، فإنهم يعاملون الطريق المعتبر معاملة العلم الوجداني من غير فرق بين الآثار ، فإن اليد مثلا امارة عند العقلاء على مالكية صاحب اليد لما في يده ، فهم يرتبون له آثار المالكية ، وهم يخبرون عن كونه مالكا للشيء بلا نكير ، ولم يثبت من الشارع ردع لهذه السيرة العقلائية المستمرة.
نعم يعتبر في الخبر الموثوق به ، وفي غيره من الطرق المعتبرة أن يكون جامعا لشرائط الحجية ، ومنها أن لا يكون الخبر مقطوع الكذب ، فإن مقطوع الكذب لا يعقل أن يشمله دليل الحجية والتعبد ، وعلى ذلك فالاخبار التي تكون مخالفة للاجماع ، أو للسنة القطعية ، أو الكتاب ، أو الحكم العقلي الصحيح لا تكون حجة قطعا ، وإن استجمعت بقية الشرائط المعتبرة في الحجية. ولا فرق في ذلك بين الأخبار المتكفلة لبيان الحكم الشرعي وغيرها.
والسر في ذلك : أن الراوي مهما بلغت به الوثاقة ، فإن خبره غير مأمون من مخالفة الواقع ، إذ لا أقل من احتمال اشتباه الأمر عليه ، وخصوصا إذا كثرت الوسائط ، فلا بدّ من التشبث بدليل الحجية في رفع هذا الاحتمال ، وفرضه كالمعدوم. وأما القطع بالخلاف ، وبعدم مطابقة الخبر للواقع فلا يعقل التعبد بعدمه ، لأن كاشفية القطع ذاتية ، وحجيته ثابتة بحكم العقل الضروري.
وإذن فلا بد من اختصاص دليل الحجية بغير الخبر الذي يقطع بكذبه وبمخالفته للواقع. وهكذا الشأن في غير الخبر من الطرق المعتبرة الاخرى التي تكشف عن الواقع ، وهذا باب تنفتح منه أبواب كثيرة ، وبه يجاب عن كثير من الإشكالات والاعتراضات فلتكن على ذكر منه.