والفارق : أن التخصيص في الاولى لم ينشأ من الإضافة ، بل هو حاصل بدونها ، وأن الاضافة لم تفد إلا التخفيف إلا أن هذا لا يوجب أن لا يقع المضاف فيها صفة للمعرفة ، فإن المصحح لذلك إن كان هو التخصيص فهو موجود في مواردها ، وإن كان هو التعريف الحاصل من العهد الخارجي فهو مشترك بين الإضافتين معا ، فلا فرق في مقام الثبوت ، وبلحاظ ذات المعنى بين موارد الإضافتين.
وجميع ما ذكروه لا يرجع إلى محصل : نعم يبقى الكلام في مقام الإثبات ، وقد ادعي الاتفاق على أن المضاف بالإضافة اللفظية لا يقع صفة لمعرفة إذا كان المضاف من الصفات المشبهة ، وأما غيرها فقد نقل سيبويه ، عن يونس والخليل وقوعه صفة للمعرفة في كلام العرب كثيرا (١) وعليه يحمل ما ورد في القرآن من ذلك ، كما في المقام.
وأما قول الكشاف : إن اسم الفاعل هنا بمعنى الاستمرار فهو واضح البطلان فإن إحاطة الله تعالى بالموجودات ، ومالكيته لها وإن كانت استمرارية إلا أن كلمة مالك في الآية المباركة قد أضيفت إلى يوم الدين ، وهو متأخر في الوجود ، فلا بد من أن يكون اسم الفاعل المضاف اليه بمعنى الاستقبال.
وأما التفرقة التي ذكرها بعضهم في اسم الفاعل المضاف ـ بين ما إذا كان بمعنى الماضي فيصح وقوعه صفة للمعرفة ، وبين غيره فلا يصح ، لأن حدوث الشيء يوجب تعيّنه ـ فهي بيّنة الفساد ، فإن حدوث الشيء لا يستلزم ـ في الغالب ـ العلم به ، وإذا كانت العبرة بالعلم الشخصي فلا فرق بين تعلقه بالماضي وتعلقه بغيره.
والحاصل إن المتبع في الكلام العربي هو القواعد المتخذة من استعمالات العرب
__________________
(١) تفسير أبي حيان : ١ / ٢١.