وأجزائه فلا يعلم عددهم إلا الله تعالى. على أن النظرة العقلية البسيطة تشهد بكذب تلك الأخبار التي استدل بها الخصم. فإن القرآن هو السبب الأعظم في هداية المسلمين ، وفي خروجهم من ظلمات الشقاء والجهل إلى نور السعادة والعلم ، وقد بلغ المسلمون في العناية بالقرآن الدرجة القصوى ، فقد كانوا يتلون آياته آناء الليل وأطراف النهار ، وكانوا يتفاخرون في حفظه وإتقانه ويتبركون بسوره وآياته ، والنبي يحثهم على ذلك. فهل يحتمل عاقل بعد هذا كله أن يقع الشك فيه عندهم حتى يحتاج إثباته إلى شاهدين؟. وسنثبت ـ إن شاء الله تعالى ـ فيما يأتي ان القرآن كان مجموعا في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقالوا :
٩ ـ إن للقرآن اسلوبا يباين أساليب البلغاء المعروفة ، فقد خلط بين المواضيع المتعددة ، فبينا هو يتكلم في التاريخ إذا به ينتقل إلى الوعد والوعيد ، إلى الحكم والأمثال ، إلى جهات اخرى. ولو كان القرآن مبوّبا يجمع في كل موضوع ما يتصل به من الآيات ، لكانت فائدته أعظم ، وكانت الاستفادة منه أسهل.
الجواب :
إن القرآن أنزل لهداية البشر ، وسوقهم إلى سعادتهم في الأولى والأخرى ، وليس هو بكتاب تاريخ ، أو فقه ، أو أخلاق. أو ما يشبه ذلك ليعقد لكل من هذه الجهات بابا مستقلا. ولا ريب في أن أسلوبه هذا أقرب الأساليب إلى حصول النتيجة المقصودة ، فإن القارئ لبعض سور القرآن يمكنه أن يحيط بكثير من أغراضه ، وأهدافه في أقرب وقت وأقل كلفة ، فيتوجه نظره إلى المبدأ والمعاد ، ويطلع على