سبق لكنّه لا حاجة اليه لانّ الاثر المترتّب عليه ليس الّا عدم الاشتغال الّذى يحكم به العقل من جهة الشكّ فانّ عدم الاشتغال اثر للشكّ بما هو مقتضى قاعدة البراءة واثر للمشكوك بما هو مقتضى استصحاب عدم التكليف فالاثر المترتّب على ابقاء المشكوك هو الاثر المترتّب على نفس الشكّ وكذا الكلام في المثال الثانى واستصحاب بقاء التكليف الواقعى مع قاعدة الاشتغال فانّ الاستصحاب يجرى ولكنّه لا يفيد من دون ضميمة حكم العقل ويمكن ان يكون مراده انّ مفاد ادلّة عدم نقض اليقين بالشكّ هو الغاء حكم الشكّ ولا يكون هذا الّا فيما كان للشكّ حكم يوجب الاخذ به نقضا للمشكوك ورفعا لليد عن يقينه السابق وهذا الاستصحاب ليس كذلك ثمّ لا يخفى انّ ما ذكر من انّ استصحاب عدم الحكم ليس المقصود منه الّا ترتيب آثار عدم الحكم وليس الاثر الّا عدم الاشتغال الّذى يحكم به العقل فى زمان الشكّ انّما يتمّ بناء على ما هو الصّواب من انّ الاستصحاب ليس الّا حكما للشاكّ فى مقام العمل وامّا بناء على انّه امارة ويكون ناظرا الى الواقع فليس المقصود منه مجرّد ترتيب عدم الاشتغال بل يكون مبيّنا لعدم الحكم واقعا فلا يبقى موضوع لعدم البيان حتّى يحكم العقل بالبراءة وعدم العقاب ولا مجرى للقاعدة حينئذ وكذا فى المثال الثانى يكون استصحاب عدم فعل الواجب الواقعى مبيّنا للواقع فلا يبقى موضوع لاحتمال سقوط التكليف حتّى يحكم العقل فيه بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ.
قوله (فكلّ نحو من التحقّق ثبت للمستصحب) قد علم انّ وجه الاشكال فى الاستصحاب التعليقى تارة يكون من جهة الاشكال فى بقاء الموضوع بانّ العنب غير الزبيب مضافا الى انّ ماء العنب غير ماء الزبيب فانّه ضمّ ماء من الخارج ولا اقلّ من الشكّ فى بقاء الموضوع لاحتمال مدخليّة مائه بنفسه فى ثبوت الحرمة وسببيّة ما هو الملزوم والكلام من هذه الجهة يرجع الى العرف ولو سلّم عدم بقاء الموضوع لم يختصّ المنع باستصحاب الحكم التّعليقى بل تسرّى الى سائر الاحكام الثابتة للعنب بالفعل وتارة يكون من جهة عدم تماميّة اركان الاستصحاب وانّ المستصحب ليس له وجود فعلا وقد اجاب عنه بانّ الحكم التعليقى له وجود وتحقّق قبل تحقّق المعلّق عليه وهو بهذا النحو من الوجود يستصحب وليست فعليّة الحكم شرطا فى الاستصحاب وتوضيح ذلك انّ هذا الاشكال من حيث كون الشّيء حكما تعليقيّا او مشروطا بان يكون الفرق بين المقام وما كان الحكم فيه مطلقا هو جهة اطلاق الحكم وتعليقه فلا ريب فى فساده وجريان الاستصحاب فيه كجريانه فى الاوّل فانّ مقتضى تعريف الاستصحاب واخباره الدّالة على حجيّته هو الحكم ببقاء الحكم الثابت اوّلا فى الزّمان الثانى والحكم التّعليقى ليس بفاقد لما يحويه الحكم الفعلى فانّه ايضا حكم ماخوذ من الشّارع يناله يد التصرّف اثباتا ونفيا قابل للبقاء بعد الحدوث والارتفاع ومتيقّن فى الزمان السّابق ومشكوك فى اللّاحق فينطبق عليه التعريف من كونه هو الحكم بالبقاء من الشارع فيما شكّ فى بقائه وارتفاعه ويشمله الاخبار الدّالة على حجيّته فانّ الحكم المعلّق كان يقينىّ الثّبوت ولا ينبغى ان ينقض اليقين بالشكّ بل يجب البناء