تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) حياكم بتحية الإسلام : (لَسْتَ مُؤْمِناً) لا ترفضوا من أعلن السلام أو الإسلام (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) على حساب تكفير المؤمنين واستباحة دمائهم (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) تغنيكم بحلاله عن حرامه.
(كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) مشركين (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) حيث حقن دماءكم وأموالكم بكلمة الإسلام ، فعاملوا الناس بما عوملتم.
٩٥ ـ (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ) عن الجهاد (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) وهم الأصحاء ، قعدوا عن الجهاد ، لأنه عليهم فرض كفاية لا عين إذا قام به البعض سقط عن الكل (وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) وهنا ينتهي الكلام ، ومفاده بإيجاز أن الأصحاء القاعدين لمبرر شرعي ليسوا كالمجاهدين في الفضل ، ثم بين سبحانه الدرجات بقوله : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ) من أولي الضرر كالعمى وما أشبه (دَرَجَةً) واحدة (وَكُلًّا) من أولي الضرر والمجاهدين (وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) الجنة ، هؤلاء على نياتهم وجهادهم ، وأولئك على النيات فقط (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ) بأموالهم وأنفسهم (عَلَى الْقاعِدِينَ) من غير اولي الضرر الذين وجب عليهم الجهاد كفاية لا عينا (أَجْراً عَظِيماً).
٩٦ ـ (دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) والمحصل أن المجاهد أفضل بدرجة واحدة ممن أعجزه وأقعده الضرر والمرض عن الجهاد ، وأفضل بدرجات كثيرة من القادر القاعد لا لشيء إلا أن الآخرون قد كفوه وأراحوه.
٩٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) جاء أجلهم (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) بترك الهجرة من دار الكفر والظلم إلى دار الإيمان والعدل ، وهذه الآية والآيتان بعدها تقرر مبدأ الهجرة من دار الكفر ، بشرطين : الأول القدرة عليها : الثاني أن ينحصر بها التخلّص من الظلم والاستضعاف (قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ) قال ملائكة الموت للذين تركوا الهجرة : هل كنتم أحرارا في أموالكم وأفعالكم وإقامة الواجبات الدينية (قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) كلا لم نكن أحرارا في شيء من ذلك (قالُوا) الملائكة : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) هذا توبيخ على ما اعتذروا به ، ويقال له : عذر أقبح من ذنب ، والمعنى كيف تحملتم الظلم والعبودية ، ولم تهاجروا إلى إخوان لكم في الدين ، يهتمون بشأنكم ويدافعون عنكم لأنهم أعزاء أقوياء (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) لأن التبعة تقع عليهم وحدهم بشهادتهم على أنفسهم.