٩٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) تقدم الكلام عنهما في تفسير الآية ٢١٩ من البقرة (وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) أيضا تكلمنا عنهما عند تفسير الآية ٣ من هذه هذه السورة أي المائدة. (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) ولا شيء أقوى في الدلالة على تحريم الخمرة من هذه الآية أولا : للمساواة بينها وبين عبادة الأصنام.
ثانيا : إنها رجس من عمل الشيطان. ثالثا : للأمر بالاجتناب عنها. وهو يدل على الوجوب إضافة إلى السنة المتواترة والإجماع مدى الأزمان ، وكفى بالضرورة الدينية حجة ودليلا.
٩١ ـ (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) أي عن طاعته بعامة (وَعَنِ الصَّلاةِ) بخاصة ، بعد النهي عن الخمر والميسر بين سبحانه ما فيهما من مفسدة ، وهي العداوة بين الخاسر والرابح في القمار ، والسب والقذف من السكران المؤدي إلى البغض والكراهية ، والوقوع في معصية الله سبحانه ، وترك العبادة (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) عن هذه المساوئ والرذائل ، وهذا الزجر عند أهل الفهم أرهب وأبلغ من صيغة انتهوا.
٩٢ ـ (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) في ترك الخمر والميسر وكل حرام (وَاحْذَرُوا) عذاب الله وغضبه ، أبعد كل هذا يقال : لا نهي عن الخمر في القرآن؟ (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عصيتم (فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) وعلى الله الحساب ، ولمن خالف العذاب.
٩٣ ـ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) ما عدا المنهي عنه من الأطعمة والأشربة ، ومن هنا اتفق الفقهاء على أن كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي وفي الشرائع الوضعية : لا جريمة بلا نص (إِذا مَا اتَّقَوْا) فيما بينهم وبين الله من الإخلاص له في العبادة (وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا) فيما بينهم وبين الناس من حسن السيرة والمعاملة (وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا) ثبتوا واستمروا على التقوى الأولى والثانية (وَأَحْسَنُوا) والإحسان تقوى وزيادة لأن التقوى أن لا تترك واجبا ولا تفعل محرما ، والإحسان أن تفعل المستحب ، وتترك ما يكره.
٩٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) أي أن الله سبحانه يميز العاصي عن المطيع بأشياء منها ما يوجبه عليه في حال الإحرام فقط من ترك بعض الصيد ،
____________________________________
الإعراب : (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) متعلق بمحذوف صفة لرجس. (فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) متعلق بيوقع. و (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) أمر من صيغة الاستفهام ، وهو أبلغ من الأمر بصيغة أفعل.