(فَمُسْتَقَرٌّ) في الرحم (وَمُسْتَوْدَعٌ) في الصلب وعن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قسم الإيمان إلى مستقر راسخ حتى الموت ، ولا يكون هذا إلا في قلب من تتفق أقواله مع أفعاله ، وإيمان مستودع متزلزل في قلب من تخالف أقواله أفعاله.
٩٩ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) لو لا الماء العذب لكانت الأرض صحراء جرداء ، ولم يكن للحياة عليها من أثر ، وأسند سبحانه إليه انزال الماء والإنبات ، لأنه مسبب الأسباب ، من قدرته تبتدئ ، وإلى إرادته تنتهي مهما امتدت الحلقات (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً) ضمير منه يعود إلى النبات ، والمراد بالخضر الغض والطراوة ، أي تشعب من النبات أغصان غضة طرية (نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً) ضمير منه يعود إلى الخضر ، أي يخرج من الأغصان سنابل القمح ونحوها كثمر الرمان الذي يركب بعض حبوبه بعضا (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ) الطلع أول ما يخرج من النخلة في اكمامه ، وقنوان جمع قنو ، وهو العنقود من الثمر ، ودانية قريبة من الأرض سهلة التناول.
(وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) وخصّ سبحانه هذه الأصناف الثلاثة بالذكر لشيوعها وإلا فنعمه كعجائبه لا حد لها ولا عد (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ) أي ونضجه والمعنى انظروا بعيونكم ، وفكروا بعقولكم في صنع الله ومخلوقاته ، ولا تمروا بها مرور البهائم والسوائم (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) نشير إلى هذه الآيات والظواهر البينات لكي تؤمنوا بالله وحكمته عن حس وعقل لا عن تقليد أعمى ، وأيضا كي نقيم الحجة على كل جاحد ومعاند ١٠٠ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) هذا الظاهر واضح الدلالة على أن قوما من خلق الله تعالى يعبدون الجن ، ولم يبين من هم هؤلاء القوم ، ونحن نسكت عمن سكت الله عنه ، وفي شتى الأحوال فقد رد سبحانه على هؤلاء بكلمة واحدة ، وهي (وَخَلَقَهُمْ) كيف يكون لله شركاء ، وهو خالق كل شيء؟ (وَخَرَقُوا) اختلقوا وابتدعوا (لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال بعض المشركين من العرب الملائكة بنات الله ، وقالت طائفة ثانية عزير ابن الله ، وثالثة : المسيح ابن الله رجما بالغيب ، وأيضا يروي عن النملة أن لله شاربين أشبه بشاربيها ، أما قصة العابد الزاهد وحمار الله فهي مسجلة في كتب الحديث! ١٠١ ـ ١٠٢ ـ (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) والولادة من صفات الأجسام ، وخالق الأجسام ليس بجسم (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) ولا ولادة بلا زوجة وصاحبة (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ومن كان بهذه الصفة فهو غني عن كل شيء ، وإليه يفتقر كل شيء ، وفي هذا الاحتجاج وأسلوبه من الله تعالى درس بليغ ومفيد للدعاة إلى الإيمان والعمل الصالح ، وأن عليهم أن ينزلوا إلى مستوى الجاحد ، تواضعا ، ويخاطبوه بالحكمة ومنطق العقل لا بالرعونة والحمق ، لأن الغرض الأول من التبليغ والإرشاد هو الإقناع والتبشير لا الصراع والتنفير.
١٠٣ ـ (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) لأنه غير متحيز في