المنكرات ، ولا تسكت عنهم بحال.
١٥١ ـ (قُلْ) يا محمد : (تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ) ليس الحرام ما حرمتم أنتم ولا غيركم أيها المشركون وإنما الحرام ما حرم الله تعالى ، وأنا أتلوه عليكم (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) التوحيد هو أصل الأصول في دين الله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) قرن سبحانه بر الوالدين بالتوحيد إشعارا بأن حقهما على الولد عظيم ووحيد في بابه (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) وتقدم في الآية ١٣٧ من هذه السورة (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ) المعاصي والقبائح (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) اتركوها سرا وعلانية (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) كالقصاص ونحوه ، وكل الشرائع السماوية والأرضية تحرم القتل إلا بالحق ، ولكن ما من شريعة قالت : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) ـ ٣٢ المائدة» إلا شريعة الإسلام ، أجل جاء في النصوص اليهودية : «الذي يصرع يهوديا إنما يصرع البشرية لأن اليهود وحدهم هم شعب الله المختار».
١٥٢ ـ (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) كصيانته وتنميته وتثميره (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) بالرشد والبلوغ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) بيعا وشراء وقرضا ووفاء (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي إن اقترضت ما يكال أو يوزن فعليك الوفاء بالمعروف لا بالدقة الواقعية بحيث لا تنقص مثقال حبة من خردل ، لأن ذلك متعذر (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ) المقول له أو عليه (ذا قُرْبى) من القائل ، هذا هو المحك أن تتجرد للحق ، وتنصف الناس من نفسك وذويك تماما كما تطلب منهم أن ينصفوك (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) والوفاء بعهده تعالى أن نأتمر بما أمر ، وننتهي عما نهى.
١٥٣ ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) هذا هو دين الله : التوحيد والعدل والكف عن الأذى والرذائل والوفاء بالعهد وبر الوالدين ، وبالتالي التالف والتعاطف الذي أشار إليه سبحانه بقوله : (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) سيروا جميعا في طريق واحد لا في طرق متعددة متشعبة (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) أي فتميل السبل العديدة بكم عن سبيل الله وصراطه المستقيم.
____________________________________
الإعراب : (أَتْلُ ما حَرَّمَ ما) مفعول اتل. و (أَلَّا تُشْرِكُوا) ان مفسرة بمعنى أي ولا ناهية ، ويجوز أن تكون ان ناصبة ولا نافية ، والمصدر المنسبك بدل من (ما حَرَّمَ). و (شَيْئاً) مفعول مطلق لتشركوا لأن المراد به الاشراك. و (إِحْساناً) مفعول لفعل محذوف أي أحسنوا بالوالدين إحسانا ، أو أوصيكم بهما إحسانا. وما ظهر منها وما بطن بدل اشتمال من الفواحش. (إِلَّا بِالْحَقِ) في موضع الحال ، أي الا محقين. (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) مبتدأ وخبر. (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) اسم كان محذوف أي ولو كان المقول له. (وَأَنَّ هذا) المصدر المنسبك من أن وما بعدها مجرور بلام محذوفة ، والمجرور متعلق باتبعوه. و (مُسْتَقِيماً) حال من صراطي.