٦ ـ (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) ما ذا قلتم للمرسلين؟ (وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) ما ذا قال لكم الذين أرسلتم إليهم؟ والمؤمن حقا إذا تصور الوقوف بين يدي الله للسؤال ونقاش الحساب يهتز من الأعماق رعبا ، فكيف إذا جاء الجد؟ رحماك اللهم رحماك.
٧ ـ (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ) ما قالوه وفعلوه ، أحصاه الله ونسوه.
٨ ـ (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) لميزان الدنيا كفتان ، فإذا وضعت في إحداهما ترابا بمقدار كيلو ، مثلا ، وفي الثانية تبرا بهذا الثقل تستوي الكفتان ، ولا شأن للنوع والأثر ، أما ميزان الآخرة فالثقل والشأن للكيف لا للكم ، وللنوع لا للمقدار ، وفي الحديث قليل العمل مع التقوى خير من كثير بلا تقوى (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) وهم الذين ائتموا في جميع أعمالهم ومقاصدهم بالقرآن وتعاليمه (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) لأن الله لا يضيع أجر المحسنين ...
٩ ـ (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) وهم الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) حيث أوردوها النار وبئس الورد المورود (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) أي يكذّبون.
١٠ ـ (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) زوّد سبحانه الإنسان بكل الطاقات والمؤهلات للاكتشاف والاختراع والسيطرة على الطبيعة (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) لا يوجد جانب إطلاقا من حياة الإنسان ينفصل عن الأرض أو يخلو من برها وخيرها.
١١ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) أي خلق وصور أبانا آدم حيث قال عز من قائل : (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) والسجود لآدم بأمر الله سجود وطاعة لله ، ولكن إبليس (لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) تعصبا لأصله وحسدا لآدم.
١٢ ـ (قالَ) سبحانه لإبليس : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) لا زائدة (إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) وكل من يقول متعاظما : أنا خير من فلان فهو من حزب الشيطان ، فرب وضيع عند الناس هو عظيم ورفيع عند الله.
١٣ ـ (قالَ فَاهْبِطْ ...) طرد سبحانه إبليس من رحمته إلى لعنته جزاء على تكبره ومعصيته.
____________________________________
الإعراب : و (دَعْواهُمْ) اسم كان ، والمصدر المنسبك من (أَنْ قالُوا) خبرهاو (بِعِلْمٍ) في موضع الحال أي عالمين. (وَالْوَزْنُ) مبتدأ ، و (يَوْمَئِذٍ) خبر ، و (الْحَقُ) صفة للوزن. و (بِما كانُوا) ما مصدرية تسبك وما بعدها بمصدر مجرور بالباء متعلقا بخسروا ، أي خسروا أنفسهم بسبب ظلمهم. و (مَعايِشَ) مفعول جعلنا. وقليلا ما تشكرون (قَلِيلاً) صفة لمفعول مطلق محذوف ، أي شكرا قليلا ، و (ما) حرف لتأكيد القلة.