أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أبدا لا سلطان للشيطان إلا على أوليائه الذين يستجيبون له عن رضا وطيب نفس تماما كالمومس إذا دعاها الفاجر العاهر إلى الفاحشة.
٢٨ ـ (وَإِذا فَعَلُوا) الضمير لحزب الشيطان وأوليائه (فاحِشَةً) رذيلة (قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا) وفي العصر الراهن تقول فئة من المسلمين : كل جديد زندقة وهرتقة حتى ولو كان علما نافعا ، وهنا يكمن سر التأخر والتقهقر (وَاللهُ أَمَرَنا بِها) وهذا عين الافتراء عليه تعالى (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ولكن بعض المنتمين إلى الإسلام يعلمون أن كتاب الله يحرم التقليد ، ويحث على العلم النافع. ومع ذلك ينحرفون عن طريقه ، ولو شاءوا لاستقاموا عليه ، ولكنهم لا يشاءون ولا يستمعون لأية حجة وبينة.
٢٩ ـ (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) وبكل جديد مفيد (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي أبيح لكم أن تصلوا وتعبدوا الله في أي مسجد شئتم ، وقيل : المراد بكلمة مسجد هنا مكان السجود تماما كقول الرسول الأعظم : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) والإخلاص في الدين أن تعمل بموجبه ، ولا تتخذ منه وسيلة إلى منافع شخصية. وفي أصول الكافي : «أوحى الله إلى داود لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا يصدك عن طريق محبتي ، فإن أولئك قطاع طريق».
٣٠ ـ (فَرِيقاً هَدى) وهم الذين رغبوا في الهداية (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) ـ ١٧ محمد» (وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) وهم الذين زاغوا عن الهدى إلى الضلال : «فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ـ ٥ الصف». (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) جهلوا بجهلهم ، فانفصلوا عن واقعهم ، وعاشوا في دنيا الأخيلة والأحلام ، وأيقنوا بأنه لا دين إلا دينهم ولا إيمان إلا إيمانهم ، وهنا يكمن الداء العياء ، وبه جنوا على أنفسهم ومجتمعهم.
٣١ ـ (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) البسوا أثوابا طاهرة نظيفة عند كل عبادة «وثيابكم فطهر ـ ٤ المدثر» (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) ما تشتهون وتستلذون إلا ما ورد النهي عنه (وَلا تُسْرِفُوا) في طعام أو شراب أو لباس.
٣٢ ـ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ) من مسكن وملبس ومركب وأثاث (الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) كيف تكون حراما ، وقد خلقها سبحانه لعباده وعياله؟ (وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) طعاما وشرابا وكواعب أترابا ... ومن هنا قال الفقهاء : كل شيء مباح حتى يرد فيه نهي (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) الطيبات واللذات في الدنيا للمؤمن والكافر والبر والفاجر ، وهي في الآخرة للمتقين الأبرار ، أما المجرمون الأشرار فهم في سموم وحميم وظل من يحموم.
____________________________________
الإعراب : (وَأَقِيمُوا) معطوف على معنى الأمر بالقسط ، أي أقسطوا وقيموا. و (مُخْلِصِينَ) حال من واو (ادْعُوهُ). و (الدِّينَ) مفعول ل (مُخْلِصِينَ). (كَما بَدَأَكُمْ) الكاف بمعنى مثل صفة لمحذوف ، أي تعودون عودا مثل بدئكم. (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَ) ، الفريق الأول مفعول هدى ،