١٠٥ ـ (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) اليهود والنصارى (وَلَا الْمُشْرِكِينَ) الذين يعبدون الأصنام (أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) المراد بالخير هنا النبوّة ، والمعنى يريد هؤلاء الكفرة أن تكون النبوة فيهم لا في غيرهم (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ) ومنها النبوّة (مَنْ يَشاءُ) من عباده الطيّبين (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) والنبوة أعظم الفضائل على الإطلاق.
١٠٦ ـ (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) نزيلها (أَوْ نُنْسِها) نمحو حفظها من القلوب (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) لمصلحة العباد (أَوْ مِثْلِها) أو ما يعادل ويماثل المصلحة المنسوخة (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومنه إبدال خير بخير منه وبمثله وزنا وأثرا.
١٠٧ ـ (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يدبرهما تبعا للحكمة والمصلحة (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يقوم بأموركم (وَلا نَصِيرٍ) تعتمدون على عدله ورحمته.
١٠٨ ـ (أَمْ تُرِيدُونَ) أيها المسلمون (أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) قال اليهود لموسى من جملة ما قالوا عنادا : أرنا الله جهرة ، أتريدون أيها المسلمون أن تفعلوا كما فعل اليهود؟ إن هذا إلا الكفر بعينه وأنتم مؤمنون (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) وهكذا كل من لا يقتنع بالدليل الواضح القاطع ، ويطلب المزيد لمجرد التعجيز.
١٠٩ ـ (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ) عن الإسلام (مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) يرجعونكم إلى الجاهلية الجهلاء بغيا و (حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) للنبيّ الأعظم (ص) (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ) وهم أعدى أعدائه (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) اسلكوا معهم أيها المسلمون سبيل العفو والصفح (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) أي حتى يأمركم الله بحربهم وتأديبهم ، فإن الأمور رهن بأوقاتها (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وسينتقم من كل باغ لا محالة.
١١٠ ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) لأنه تعالى لا يضيع أجر المحسنين
____________________________________
الإعراب : (أَمْ) هنا منقطعة بمعنى بل مع الاستفهام ، أي بل أ(تُرِيدُونَ) الخ ، ودخلت الباء على الإيمان ، لأنها تدخل دائما في البدلية على الأكمل ، و (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) متعلق بمحذوف صفة لكثير ، و (حَسَداً) مفعول من أجله ، و (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) متعلق بحسد وجواب لو محذوف تقديره لسروا بذلك.