وأفعاله حق لا وعده فقط «ذلك بأن الله هو الحق» (إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) وفي نهج البلاغة : عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) حيث لا يستقيم في عدله تعالى أن يستوي مصير الصالح والطالح.
٥ ـ (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) نور القمر من الشمس ، ولذا قيل : الضياء أقوى من النور والآية لم ترد لبيان شيء من ذلك ، بل تشير إلى قدرة الله وعظمته (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) أي قدر القمر وأحكم صنعه ، وجعل له منازل ثابتة لا تتغير ولا تتبدل تماما كغيره من سنن الطبيعة ، والهدف من ذلك ما أشار إليه سبحانه بقوله (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) لتعلموا الأوقات التي تنظم وظائف الحياة بشتى نواحيها ، وأن هذا التنظيم خاضع للتدبير الإلهي (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) الذي هو عين الواقع والحكمة وإلا لعجز العقل البشري أن يكتشف شيئا من أسرار الطبيعة ، ويخترع أحقر الآلات والأدوات فضلا عن سفينة البر والبحر والفضاء بل لم يكن هناك كون على الإطلاق.
٦ ـ (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...) هذه الآية ونظائرها تخاطب أرباب العقول وتقول لهم : انظروا إلى الظواهر الكونية بشتى أنواعها ، واربطوا بين الأسباب والمسببات لتصلوا إلى السبب الأول. وتقدم في الآية ١٦٤ من البقرة.
٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) ويقولون : من مات فات (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) يضحكون إلى الدنيا ، وتضحك على عقولهم الغارقة في الشهوات والملذات (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا) الناطقة بوجود الخالق وعظمته (غافِلُونَ).
٨ ـ (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) هذا هو الهدف الأساس من يوم القيامة : أن توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) أي يثيبهم بسبب إخلاصهم في أعمالهم الصالحة النافعة. وفي الحديث : يقول سبحانه يوم القيامة : اليوم أضع نسبكم ، وأرفع نسبي ... أين المتقون.
____________________________________
الإعراب : (وَبِما كانُوا) متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف أي ذلك بما كانوا. الياء في (ضِياءً) منقلبة عن واو لأن الأصل ضوء. (وَقَدَّرَهُ) بمعنى صيّره ، والهاء مفعول أول ، ومنازل مفعول ثان (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) آيات اسم ان مؤخر ، و (فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ) خبر مقدم (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ) فأولئك مبتدأ أول ، ومأواهم مبتدأ ثان ، والنار خبره ، والجملة من الثاني وخبره خبر الأول ، والأول وخبره خبر ان الذين لا يرجون. ودعواهم مبتدأ.