بَدِّلْهُ) أو أبقه ولكن احذف منه ما نكره ، وبالإجمال قال المشركون لرسول الله : كيف نؤمن بهذا القرآن وهو ينادي بالتوحيد والمساواة ، ويدعو إلى التجديد وترك العادات ، ائت بما نريد ونهوى ، وعندئذ نؤمن بك وبه ... وهكذا المفسد المضلل يتخذ من هواه مقياسا للحق والإيمان ، وكل ما عداه زور وهذيان (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) هذا هو النبي في واقعه (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).
١٦ ـ (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) ولا أعلمكم الله به ، والمعنى الله سبحانه هو الذي أنزل علي القرآن ، وأمرني أن أبلغه للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وفيه كل الطاقات والمؤهلات لتحقيق ذلك ، ويستحيل على مخلوق أن يأتي بمثله ، بل وعلى كل الخلائق ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ... ومن أجل هذا نؤمن بأن القرآن من وحي السماء ، ومعجزة خاتم الأنبياء. (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) أن من عاش في قومه أربعين عاما من قبل أن يوحى إليه لم يقرأ فيها كتابا أو يلقن من أحد درسا ، وحياته كلها صدق وفضيلة وأمانة ـ فهو أبعد الناس عن الكذب والافتراء.
١٧ ـ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) نسب إلى دين الله ما هو بريء منه (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) أنكر من دين الله ما هو منه في الصميم ، وهذي البدعة التي قال عنها الرسول الأعظم (ص) : «كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار».
١٨ ـ (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) كان أهل الطائف يعبدون اللات وأهل مكة يعبدون العزى ومناة وهبل ... (وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) إفكا وزورا (قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) أتخبرون الله بأن لديه شفعاء لا يعلم عنهم شيئا ، وهو بكل شيء عليم؟ وإذن إنكم لمفترون.
١٩ ـ (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا) كل الناس يولدون على الفطرة النقية والسجية التقية ، ومنهم من يستمر على فطرته التي فطره الله عليها بإرشاد من عقله السليم أو من رسول كريم ، ومنهم من يزوغ عنها لسبب أو لآخر. ويعبد حجرا أو كوكبا أو إنسانا وما أشبه ، فيقع الخلاف بين هؤلاء تبعا لتعدد المعبود واختلافه ، وتقدم في الآية ٢١٣ من البقرة (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) وهي تأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) في الدنيا وعرف المحق من المبطل ، ولكن سبق في حكمه تعالى وحكمته أن تكون الدنيا عملا بلا حساب ، والآخرة حسابا بلا عمل.
٢٠ ـ (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) على