٧ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ) على رسول الله (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) معجزة اقترحها عليه المشركون تعنتا ، وتقدم في الآية ٣٧ من الأنعام و ٢٠ من يونس (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) تحذر الطغاة والعصاة من سوء العاقبة (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) يهديهم إلى الصراط القويم ، أما المعجزات فهي بيد الله وحده.
٨ ـ (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) من ذكر أو أنثى (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) أي تنقص عن مدة الحمل بحيث تلد أو تسقط لأقل من تسعة أشهر (وَما تَزْدادُ) عن التسعة ، واتفقت المذاهب الإسلامية على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، واختلفوا في أقصاها ، فقال أبو حنيفة : سنتان. وقال مالك والشافعي وابن حنبل : أربع سنين.
واتفق الشيعة الإمامية على أن مدة الحمل لا تزيد ساعة عن السنة. وهذا ما أثبته الطب الحديث ، وفي رأينا أن تحديد مدة الحمل يجب تركها للأطباء وأهل الاختصاص ، لأن الحمل موضوع طبيعي لا شرعي كالصلاة والصيام ، والشارع يقر ويمضي ما يقوله العلم ، وعلى هذا تحمل الأحاديث الواردة في باب الحمل (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) يخضع في وجوه وجميع أوضاعه لنظام يلائمه ، دبره وأتقنه عليم حكيم ٩ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ) يعلم ما غاب عنا علمه (وَالشَّهادَةِ) ما نراه نحن ونشاهده (الْكَبِيرُ) في ذاته وصفاته وأفعاله (الْمُتَعالِ) العالي الذي لا شيء فوقه ، وكل شيء دونه.
١٠ ـ (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ) كل سر عند الخلق علانية عند الخالق وكل غيب عنهم هو شهادة عنده تعالى.
١١ ـ (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) الهاء في «له» وما بعدها تعود إلى الإنسان ، والمعقبات كناية عن حواس الإنسان وغرائزه ، و «من» في قوله تعالى (مِنْ أَمْرِ اللهِ) بمعنى الباء أي بأمر الله ، واذنه ، والمعنى أن الله سبحانه خلق الإنسان ، وجعل له السمع والبصر والفؤاد ليهتدي بها إلى ما يريد ، ويحترز عما يكره ، وقال المفسرون القدامى : المراد بالمعقبات ملائكة تنزل من السماء إلى الأرض لتحرس كل فرد من أفراد الإنسان في كل ثانية من حياته (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) ما من شك أن الله لا يغير ما بنا من جهل حتى نبني المدارس والجامعات والمختبرات ، والله لا يغير ما بنا من فقر حتى ننشىء المزارع ونقيم المصانع ، والله لا يغير ما بنا من ذل وهوان وعبودية حتى نتفق قلبا واحدا ونجاهد يدا واحدة ضد كل معتد أثيم ، والله لا يغير ما بنا من شتات حتى نتحرر من الأغراض والشهوات. قال عز من قائل : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٩٧ النحل» (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) المراد بالسوء هنا العذاب ، ومتى أراده الله سبحانه لإنسان أو فئة فلا منجى مما أراد ، والله عادل وحكيم لا يؤدّب ويعذّب إلّا بحق وسبب موجب ، بل ويعفو عن كثير.
١٢ ـ (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) البرق يبشر بالمطر ، وهو خير إن أنبت الزرع وأدر الضرع ، وهو شر إن يك حسوما وسموما ، وكان الإمام علي (ع) يقول في صلاة الاستسقاء : «اللهم اسقنا ذلل السحاب دون صعابها ، فإذا رأينا البرق رجونا أن يكون بشرى بين يدي رحمته