وَإِسْحاقَ) تقدم في الآية ٧١ من هود.
٤٠ ـ (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ) وصلاة خليل الرّحمن تماما كنفسه طهرا وصفاء حتى ولو كانت سريعة وخفيفة ... وما جدوى الإطالة في الصلاة إذا كانت نفس المصلي تغلي وتفور بالحقد والحسد؟ يقول الإمام علي (ع) : ما طاب سقيه طاب غرسه وحلت ثمرته ، وما خبث سقيه خبث غرسه وأمّرت ثمرته.
٤١ ـ (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) طلب خليل الرّحمن (ع) المغفرة لوالديه في يوم الحساب تماما كما طلبها للمؤمنين ، أليس في هذا دليل على أن «آزر» المذكور في الآية ٧٤ من الأنعام ـ هو عمه أو جده لأمه كما قال كثير من علماء المسلمين؟
٤٢ ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) بل هم الغافلون عن الله وحسابه ، بل وعن أنفسهم ، أما هو جلّ وعز فلا يفوته شيء من عدوانهم وطغيانهم (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) وهو يوم يخرجون من الأجداث إلى ربهم ينسلون.
٤٣ ـ (مُهْطِعِينَ) مسرعين تلبية لدعوة الداعي (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) يرفعون رؤوسهم إلى السماء لا يرى واحدهم موطئ قدمه من الذهول والدهشة ، أما قلوبهم فلا شيء فيها إطلاقا إلّا الهلع والجزع ... فأللهم ربنا ... ما أحلمك ... صبرت على الظالم وأنت تسمع صراخ المظلوم ، يستغيث ولا يغاث حتى جاء اليوم الموعود ، فكان أشد على الظالم من يومه على المظلوم.
٤٤ ـ (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) يا محمد (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) بالأمس كانوا يسخرون من البعث ويضحكون على حديثه ، واليوم يتذلّلون ويقولون صاغرين نادمين : هل إلى مرد من سبيل فنسمع ونطيع ما كان أغناهم عن الحالين! ثم هل الخضوع بالعصا يسمى طاعة؟ (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) وانتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة وإنه لا جنة ولا نار ، فذوقوا هذا بذاك.
٤٥ ـ (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) يقول سبحانه غدا للمكذبين والمعاندين : أهلكنا من كان قبلكم لأنهم كذبوا الرسل وعاندوا الحق ، وأتيتم من بعدهم ، وسكنتم في ديارهم ، وسمعتم بأخبارهم ، وكان الأجدر أن تتعظوا وتخافوا أن يصيبكم ما أصابهم ، ولكن أبيتم إلا السير على طريق الهالكين ، فذوقوا ما قدمتم لأنفسكم.
٤٦ ـ (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ) ما أرسل الله رسولا إلا مكر به الجبابرة المترفون من قومه وتآمروا عليه (وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) أي جزاء مكرهم والعذاب عليه (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) مهما بلغ كيدهم ومكرهم من القوة والإحكام حتى ولو أزاح الجبال الرواسي فلن يضر دين الله شيئا ، بل يعود عليهم بالهلاك والوبال.
___________________________________
الإعراب : ومن ذريتي عطف على الياء في اجعلني أي واجعل من ذريتي مقيم الصلاة.