(وَلكِنَّ الْبِرَّ) أي البار (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) وحده لا شريك له (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ) والإيمان بهم إيمان بالوحي والواقع.
المنزل على سيّد الأنبياء (وَالْكِتابِ) كل كتاب من عند الله (وَالنَّبِيِّينَ) الذين يؤمن محمد بنبوّتهم (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) قال ابن مسعود : معناه أن تؤتي المال وأنت تأمل أن تعيش وتخشى الفقر (ذَوِي الْقُرْبى) قرابة صاحب المال أحقّ بالصلة (وَالْيَتامى) الذين لا مال لهم ولا كفيل (وَالْمَساكِينَ) وهم أهل الحاجة ، ولكن لا يمدّون يد المذلّة (وَابْنَ السَّبِيلِ) هو الذي انقطع في السفر ولا يستطيع العودة إلى وطنه من غير عون (وَالسَّائِلِينَ) الطالبين للصدقة عن فقر وعجز (وَفِي الرِّقابِ) أي في تحرير العبيد من الرق (وَأَقامَ الصَّلاةَ) تزكية للنفس (وَآتَى الزَّكاةَ) تزكية للبدن (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) سواء أكان العهد بين الله والإنسان كاليمين والنذر أم كان بين إنسان وإنسان كالبيع والدين (وَالصَّابِرِينَ) أي أخصّ الصابرين بالمدح والثناء لفضلهم (فِي الْبَأْساءِ) الفقر (وَالضَّرَّاءِ) المرض وغيره من المصائب (وَحِينَ الْبَأْسِ) وقت القتال والجهاد (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) إشارة إلى الذين استجمعوا هذه الخصال (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) لغضب الله وعذابه بإيمانهم الخالص وأعمالهم الصالحة.
١٧٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ) فرض عليكم (الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) المساواة بحيث يفعل في القاتل العامد ما فعل في المقتول (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) المعنى واضح وهو اعتبار المساواة في القصاص حتى في الحرية والعبودية والأنوثة والذكورة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الآية دلت بمنطوقها على أن المساواة مشروعة في القصاص في هذه الأصناف الثلاثة بحيث يقتل كل واحد واحدا مثله ، وسكتت عن قتل الحر عبدا وبالعكس ، وقتل الذكر أنثى وبالعكس ، وعليه فلا بد من الرجوع إلى دليل آخر في ذلك (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) الضمير في «له وأخيه» يعودان إلى القاتل ، والمعنى إذا رضي ولي الدم بأخذ الدية ، ولم يصر على القصاص (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) فينبغي أن يقابل القاتل هذا العفو عن قتله بعرفان الجميل (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) ويؤدي الدية كاملة بلا مطل وتأخير (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) لأن أهل التوراة كتب عليهم القصاص أو العفو ، وعلى أهل الإنجيل العفو أو الدية أما أنتم أيها المسلمون فمخيّرون بين القصاص والدية والعفو عنهما معا (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) بأن قتل بعد أخذ الدية أو العفو (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي نوع خاص من الشدة.
١٧٩ ـ (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) في القصاص ردع عن القتل وصيانة للأرواح (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) القتل خوفا من القتل.