١٨٠ ـ (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) كتب هنا ليست بمعنى فرض ، بل بمعنى يوصيكم الله على سبيل الرجحان إذا رأى أحدكم أمارات الموت ودلائله (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) مالا (الْوَصِيَّةُ) نائب فاعل كتب (لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ) أي الشيء الذي يعرفه العقلاء أنه لا جور فيه ولا حيف (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) أي أثر تقوى الله ومرضاته ، وقال السنة : هذه الآية منسوخة بحديث «لا وصية لوارث» وقال الشيعة : هذا الحديث لم يثبت ، وعلى فرض ثبوته فإن القرآن لا ينسخ بخبر الواحد.
١٨١ ـ (فَمَنْ بَدَّلَهُ) أي الإيصاء (بَعْدَ ما سَمِعَهُ) أي حرّفه بعد العلم به (فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) تهديد ووعيد لمن حرّف وزيّف الوصايا بشتى أنواعها (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لأقوالكم (عَلِيمٌ) بأفعالكم.
١٨٢ ـ (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً) انحرافا عن طريق الحق والعدل في الوصية (أَوْ إِثْماً) أي تعمد الموصي الباطل (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) أي بين الورثة والموصي لهم ، والمعنى إذا تجاوز الموصي الحد الشرعي ، وأوصى بأكثر من الثلث مثلا فللصالح المصلح أن يبدل الوصية على أساس الدين والشرع (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) لأنه ناصر الحق والعدل (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فيه إيماء إلى أن إصلاح الوصية الفاسدة الباطلة هي خير للموصي والموصى له.
١٨٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فرض عليكم كما فرض على الأنبياء وأممهم من لدن عهد آدم إلى عهدكم فاتقوا الله في المحافظة على الصيام وتعظيمه.
١٨٤ ـ (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) قلائل ومعلومات ، وهي أيام شهر رمضان المبارك (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) بالفعل أو صحيحا يضر به الصوم (أَوْ عَلى سَفَرٍ) بالشروط المذكورة في كتب الفقه (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أي فعليه أن يصوم عدد أيام المرض والسفر من شهر آخر غير رمضان ، والإفطار في السفر والمرض عزيمة لا رخصة ، لأن الله سبحانه أوجب القضاء بنفس السفر والمرض من حيث هما لا من حيث الإفطار (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) أي يقدرون على الصيام ، ولكن مع الشدة والمشقة كالشيخ والشيخة أو من عطش عطشا شديدا ، فلهؤلاء أن يفطروا ويكفّروا عن كل يوم (فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) ولا قضاء عليه (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) أي أطعم أكثر من مسكين أو أطعم مسكينا أكثر مما يجب (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) زيادة الخير خير (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) الصوم مع تحمل المشقّة أفضل عند الله من الإفطار مع الفدية (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) تأكيد على أفضلية الصوم.
١٨٥ ـ (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) هذا بيان لمكان الشهر المبارك وعظمته (هُدىً لِلنَّاسِ) إلى الحق ،