«كن» (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) لا يعطي سبحانه الرزق والمال اعتباطا وجزافا ، بل كل شيء عنده بمقدار وسبب يستدعيه ويوجبه
٢٢ ـ (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) توصف الرياح باللقاح لأنها تحمل السحاب الماطر إلى الشجر والنبات وأيضا تنقل لقاح الأزهار الذكور إلى الأزهار الإناث لتخرج الثمر والفواكه (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) ينزل الماء في فصل الشتاء ، فتحيا به الأرض ، وما زاد عن ريها بكل ما فيها في هذا الفصل ، يودعه الله سبحانه في الأرض للأسباب الطبيعية لاستعماله والانتفاع في بقية الفصول.
٢٣ ـ (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) يبدئ سبحانه الخلق ثم يميته ثم يعيده (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) الباقون ، كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ٢٤ ـ ٢٥ ـ (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) ونجد تفسيره في نهج البلاغة : «علمه تعالى بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين ، وعلمه بما في السموات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى».
٢٦ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) الصلصال : طين يابس ، والحمأ : طين يميل إلى السواد ، والمسنون : طين يتكيف بسهولة ، والطين بشتى أنواعه وصنوفه ، ماء وتراب ، وأصل الإنسان تراب وماء ، خلقه الله منهما ومنحه الحياة.
٢٧ ـ (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) أي من قبل الإنسان (مِنْ نارِ السَّمُومِ) ومن جملة ما قرأت أن أهل الإختصاص اكتشفوا نوعا من الحشرات لا تحيا إلا بالهواء السام ، ونوعا آخر لا يحيا إلا في آبار البترول والمواد الملتهبة ، وقد يكون في الشمس أحياء تتفق في تكوينها مع حرارة الشمس. وبعض الناس ألفوا كتابا في الجن وعدد نفوسهم وبلادهم وعاداتهم وشعرائهم ورؤسائهم وزواج الإنس منهم وزواجهم من الإنس! ونحن نؤمن بالجن لا لشيء إلا لأن الوحي أثبته ، والعقل لا ينفيه ، ولكن لا نصدق أحدا يدعي رؤية الجن ، وروي عن الشافعي هذه الفتوى : «من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته».
٢٨ ـ ٣٣ ـ (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ ...) استنكف إبليس أن يسجد لآدم تكبرا وحسدا وافتخارا ، وهو على علم اليقين أنه يعصي الله جهرة بذلك ، وأن له العذاب الأليم ، وعليه لعنة الله واللاعنين ، فآثر هذا كله ومثله معه على النزول عن كبريائه ، فهل نعجب بعد قصة إبليس من فلان وعلتان ونقول : كيف يستنكف عن الحق وهو منه على علم اليقين او كيف آثر الهلاك على الخضوع لخاتم النبيين أو لغيره من المؤمنين؟ وتقدمت حكاية إبليس في الآية ٣٤ من البقرة و ١١ الأعراف ٣٤ ـ ٣٥ ـ (قالَ) سبحانه لإبليس (فَاخْرُجْ مِنْها) من المنزلة الرفيعة التي أنت فيها (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) مرجوم وملعون ٣٦ ـ (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ليفعل غيلته وغوايته ٣٧ ـ ٣٨ ـ (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) تركه سبحانه محكا يميز به بين الطيب والخبيث ، وهو سبحانه العالم بمضمرات القلوب ، ولكن أبى سبحانه أن يثيب إلا من جاهد ميوله وأهواءه.
٣٩ ـ (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) أي ابتليتني وامتحنتني به من الأمر بالسجود لآدم الذي أوقعني في الغي