يعود إلى أمر الله بالوفاء ، والمعنى أنه تعالى يأمر العباد بالخير ، وينهاهم عن الشر ليتميز المطيع من العاصي والطيب من الخبيث.
٩٣ ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ) بالقسر والإلجاء (أُمَّةً واحِدَةً) ولكنه ترك الإنسان وما يختار ليتحمل مسؤولية عمله. وتقدم في الآية ٤٨ من المائدة و ١١٨ من هود.
(وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) المراد بالضلال هنا العذاب على المعصية ، وبالهدى الثواب على الطاعة بقرينة قوله تعالى بلا فاصل : (وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وتقدم مرارا أن الله لا يحكم بالضلال إلا على من ضل ولا بالهدى إلا على من اهتدى : (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) ـ ١٠٨ يونس».
٩٤ ـ (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) تقدم قبل لحظة في الآية ٩٢ ، وكرر سبحانه ليهدد الماكر الغادر بقوله : (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) أي يرجع المرء عن الحق والعهد الذي التزم به ، إلى النكث والباطل ، وتستعمل هذه الكلمة في الذي استقام على الحق ثم حاد عنه (وَتَذُوقُوا السُّوءَ) العذاب (بِما صَدَدْتُمْ) أعرضتم وانصرفتم (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ٩٥ ـ (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) لا تؤثروا منافعكم الخاصة على الحق ، ولا تعتاضوا عنه أي ثمن ، فإن متاع الدنيا قليل ، والآخرة خير وأبقى.
٩٦ ـ (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) بل نحن أيضا ننفذ ، ولا بقاء لفرع بعد ذهاب أصله ، والباقي هو الله والعمل الصالح لوجه الله كما أشار سبحانه بقوله : (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي صبروا على الجهاد في سبيل الله والنضال لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، لا على الفقر والتفريط بالحق والعدل ، لأن الله سبحانه لا يعفي المظلوم من مقاومة الظالم وردعه بكل سبيل.
٩٧ ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ...) أبدا لا فرق لأن الكل من آدم وآدم من تراب. إن أكرمكم عند الله أتقاكم. وتقدم في الآية ١٢٤ من النساء ٩٨ ـ (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) الاستعاذة من الشيطان راجحة ومستحبة في شتى الأحوال ، بخاصة عند تلاوة الذكر الحكيم ، ولكن السلاح الأقوى والأمضى الذي نستظهر به على الشيطان وحزبه هو الإخلاص في الدين والعمل باعتراف الشيطان وقوله : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ٨٣ ص» وصدق سبحانه قوله هذا في العديد من الآيات ومنها قوله جل وعز :
٩٩ ـ (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) وإن قال قائل : لقد شاهدنا سلطانه وأثره بعض الأحيان ، على من آمن بالله واليوم الآخر ، قلنا في جوابه : أجل ، ولكن المؤمن حقا وصدقا يثوب ويتوب ، ومن تاب من الذنب كمن لا ذنب له ١٠٠ ـ (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) وهم من أسلسوا له القياد ولم يجاذبوه ويقاوموه (هُمْ بِهِ) أي بسبب طاعة الشيطان (مُشْرِكُونَ) وليس من الضروري أن يجعلوه مع الله إلها أخر فإن يسير الرياء شرك ١٠١ ـ (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ)