مهجته. وتكلمنا عن التقية مفصلا في كتاب الشيعة في الميزان. (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) طابت له نفوسهم ، واطمأنت به قلوبهم لا من نطق بالكفر خوفا من القتل كعمار بن ياسر أولئك عليهم غضب الجبار ولهم عذاب النار.
١٠٧ ـ ١٠٩ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ ...) لا يدينون بمبدإ أو ضمير ، ولا يفهمون ويتكلمون إلا لغة المنافع والأرباح ، أولئك شر أهل الأرض ذاتا وعملا.
١١٠ ـ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا) يشير سبحانه بهذا إلى المؤمنين المستضعفين الذين لم يهاجروا من مكة إلى المدينة مع من هاجر عن ضعف وعجز ، وقاسوا العنت والتنكيل من أجل دينهم ، وأعطى البعض منهم المشركين ما أرادوا ، ثم سنحث له الفرصة ، فهاجر وجاهد وصبر (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) أي بعد التوبة والهجرة (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) بخاصة لمن تاب ولم يعد إلى الجريمة والمعصية (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) ـ ٩٥ المائدة».
١١١ ـ (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) أبدا (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) ـ ٣٧ عبس» لا أم ولا أب ولا عم ولا خال ولا جاه ولا مال (وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) في عقاب أو ثواب. وكيف يظلم سبحانه ويوم القيامة يأمر ملكا من ملائكته أن يقف بين أهل الجنة والنار ينادي بأعلى صوته ويقول : إن لعنة الله على الظالمين كما نصت الآية ٤٤ من الأعراف.
١١٢ ـ (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً) واسعا وهنيا ، وكانت هذه الأوصاف متوافرة في مكة المكرمة أيام البعثة حيث كان أهلها آمنين من الغزو بفضل البيت المحرم ، وكان الرزق يأتيها من كل مكان استجابة لدعوة ابراهيم خليل الرّحمن (ع) (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) ورحمته للإنسانية جمعاء ، وهي نبوة محمد (ص) التي ملأت الأرض علما وعدلا وسلاما (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) وذلك أن العتاة من أهل مكة أذاقوا النبي ألوانا من الأذى والتنكيل ، فدعا عليهم وقال من جملة ما قال في دعائه : أللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. فاستجاب الله دعوته وأصابتهم شدة أذهبت كل شيء ، فأكلوا الكلاب والجيف أما الخوف فقد كان من سطوة محمد (ص) وسراياه وجيوشه.
١١٣ ـ (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ) عاد سبحانه إلى الرسول الأعظم (ص) وقومه العتاة الطغاة ليقول : (فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ) وفي نهج البلاغة : الله للظالم بالمرصاد على مجاز ريقه ، وبموضع الشجى «أي الغصة» من مساغ ريقه.
١١٤ ـ ١١٥ ـ (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) الخ ... تقدم في الآية ١٧٢ و ١٧٣ من البقرة.
___________________________________
الإعراب : قرية بدل من (مَثَلاً). و (رَغَداً) حال من رزقها أي واسعا.