الدولة اليهودية ، وعقد لذلك بالخصوص الفصل السابع عشر والثامن عشر من رسالته الكبيرة في اللاهوت والسياسة ، وترجمها إلى العربيّة حسن حنفي.
٥ ـ (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) إذا وجدت الدولة الأولى ، وعاثت في الأرض فسادا (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ...) لهم قوة وعدة وعدد ، قتلوا وأسروا وشردوا وسبوا ونهبوا ، أنظر التفسير الكاشف وكتاب التاريخ بني إسرائيل من أسفارهم لمحمد عزة دروزة ...
٦ ـ (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ...) إشارة إلى الدولة اليهودية الثانية الباغية المفسدة. وفي قاموس الكتاب المقدس : «أورشليم ـ أي القدس ـ كانت عاصمة يهوذا وفلسطين السياسية ... ونهب شيشق ملك مصر أرشليم ، وكذلك نهبها الفلسطينيون والعرب معا في عصر يهورام ـ أحد ملوك اليهود واستمرّ ملكه من ٨٥٠ إلى سنة ٨٤٣ قبل الميلاد ـ أما نبوخذ نصّر أي بخت نصّر ملك بابل فقد أخذ المدينة مرتين ، وأذن الملك كورش الفارسي وشجع كثيرين من اليهود للرجوع إلى أورشليم ... وضمّ الإسكندر الأكبر أورشليم إلى امبراطوريته ، وبعد موته صارت أولا تحت حكم البطالسة في مصر ، ثم انتقلت إلى حكم السلوقيين في سوريا ، وفي عام ١٦٥ قبل الميلاد ثار المكابيون من اليهود ، وأقاموا مملكة يهودية ، وكانت عاصمتها أورشليم ، وبعد أخذ القائد الرومانى بومباي أورشليم عام ٦٣ قبل الميلاد أصبحت المدينة تحت حكم الرومان» ولم يقم لليهود حكم ولا سلطان من سنة ٦٣ قبل الميلاد إلى سنة ١٩٤٨ بعد الميلاد. وفي أول المجلد الخامس من التفسير الكاشف أثبتنا بالدليل القاطع أن اليهود الذين يحتلون الآن أرض فلسطين ليسوا من بني إسرائيل يعقوب بن إسحاق ، في شيء ، وإنما هم أشتات لا رابط بينهم وقد تجمّعوا فرقا من هنا وهنا ، وتستروا وراء إسرائيل بوقاحة لا حدّ لها ٧ ـ (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) كل من يفعل الخير لوجه الخير يأخذ من الله والناس أكثر مما فعل وأعطى. وفي الأشعار : لا يذهب العرف بين الله والناس (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) وكل من يفعل الشر يأخذ الشيطان منه دينه وآخرته وإنسانيته وكرامته (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) إذا أفسد اليهود في الدولة الأخيرة (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) تظهر عليها آثار الهم والغم (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) أي القدس (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) التتبير : الهلاك ، وما علوا : ما استولوا وتسلطوا عليه ، والمعنى أن اليهود إذا ملكوا وحكموا أهلكوا ودمروا كل ما يقدرون على تدميره. صدق الله العليّ العظيم ٨ ـ (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) على أن تتوبوا وترحموا لأن من لا يرحم لا يرحم (وَإِنْ عُدْتُمْ) إلى الضلال والإجرام (عُدْنا) إلى العذاب والانتقام ٩ ـ ١٠ ـ (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) لأقوم الطرق وأوضح السبل ، وأيّة جدوى من الهداية إذا لم تقترن بالسمع والطاعة ، ولذا قال سبحانه : (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) لا فاصل بين الإيمان والعمل ، هذا هو منطق القرآن ومبدأه : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) ـ ٣ الصف» ١١ ـ (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) ما من صنف أو فرد من الناس إلا وله صورة وهوية في كتاب الله ، وتشير هذه الآية إلى الجبان الضعيف الخوّار الذي ينهار بكلّه لأدنى حادث ، ويدعو على نفسه بالموت كما يتمنّى لها طول البقاء ساعة اليسر والهناء ، وفي نهج البلاغة : لا تستعجلوا بما