٢٦ ـ (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) نقل الشيخ الطبرسي في مجمع البيان عن السدي التابعي والمفسر الكبير : أن المراد بذي القربى هنا قرابة الرسول (ص) ، ومثله في تفسير البحر المحيط لأبي حيّان الأندلسي ، وفي أحكام القرآن لأبي بكر المعافري المالكي. وقيل : المراد بالقربى قرابة الرجل (وَالْمِسْكِينَ) المحتاج (وَابْنَ السَّبِيلِ) المنقطع في السفر ، واسمه يدل عليه ، وللإثنين حق لازم في الزكاة بنص الآية ٦٠ من التوبة (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) والتبذير : الإنفاق في غير الوجه المعروف لدى العقلاء.
٢٧ ـ (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا) وما زالوا (إِخْوانَ الشَّياطِينِ) كل من تجاوز الحد المشروع والمعقول في النفقة أو في غيرها فهو من حزب الشيطان.
٢٨ ـ (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل ، ومعنى تعرضن تمنع المال عنهم لفقده (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) أي انتظرت ودعوت الله سبحانه أن يغنيك ويغنيهم من فضله ورحمته (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) ومعنى الآية بجملتها إن كان لديك مال تصدقت وإلّا فقول معروف ، وفي الحديث : إن لم تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.
٢٩ ـ (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) لا تسرف ولا تقتّر (فَتَقْعُدَ مَلُوماً) يلومك الناس على إسرافك وإضرارك بنفسك (مَحْسُوراً) نادما على ما فرطت ، هذا إذا أسرفت ، أمّا إذا قتّرت وعشت في الدنيا عيش الفقراء ، وحاسبك الله في الآخرة حساب الأغنياء كما قال الإمام عليّ (ع).
٣٠ ـ (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) ظنّ كثير من المفسّرين وغيرهم أن مشيئة الله سبحانه تتحكّم بالمنع والعطاء تحكما مطلقا بلا حد وأساس ، وأن من يعترض على ذلك فقد ردّ على الله وحكمه ومشيئته وتشبّثوا بكلمة «يشاء» وما يشبهها في العديد من الآيات! وغاب عنهم أن الله مدبّر عليم وعدل حكيم ، يتنزّه عن التشهي والعبث بحكم العقل ونصّ القرآن ، ومعنى هذا أن مشيئته تعالى مقيدة بالحكمة الإلهية والأسباب الطبيعية ، ويكون معنى الآية أن ربّك يبسط الرزق والعطاء لمن يشاء بأسبابه الموجبة كالسعي والميراث والهبة وحسن التدبير ، وأيضا يمنع ويقدر تبعا للحكمة والسنن التي توجب المنع والحرمان كترك السعي والعمل وسوء التدبير والتبذير وما يشبه ذلك من موجبات ، ومن هذا الباب قوله تعالى : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) ـ ٨٣ الأنعام» علما بأن المراتب والمنازل عنده لن تكون إلا على أساس العلم والتقوى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ـ ٩ الزمر ... (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ١٣ ـ الحجرات» وكلمة حكيم وعليم في آية الأنعام تدلان أن رفع الدرجات سببه حكمة الله وعلمه بمن يستحقّ الرفع والخفض ، وأيضا من هذا الباب قوله تعالى : (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ٤ إبراهيم» وتقدم أنّه تعالى يهدي إليه من تاب وأناب كما في الآية ١٣ من الشورى ، وأنه لا يضل إلا الفاسقين كما في الآية ٢٦ من البقرة ٣١ ـ (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ ...) تقدم في الآية ١٣٧ و ١٥١ من الأنعام.
٣٢ ـ (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) منتهى القبح ، وما فشا في مجتمع إلا كان مصيره إلى الفساد والانحلال.