لأنهم من أهل الفصاحة والبلاغة ، فكابروا وصادروا ، وتحدوه بما لا يمت إلى وظيفته بسبب ، من ذلك قولهم : (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) فوّارا يملأ الجداول والأخاديد.
٩١ ـ (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) حديقة ذات أشجار وأنهار ، تنشئها لنفسك بكلمة كوني فتكون :
٩٢ ـ (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) يشيرون إلى قوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) ـ ٩ سبأ» وكسفا بكسر الكاف :
جمع كسفة ، وهي القطعة من الشيء (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) أي مقابلين لنا وجها لوجه.
٩٣ ـ (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) من ذهب ، والمال رب الأشرار ، ومحمد (ص) نبي الأتقياء الأخيار قال أبو ذر (رض) : خرجت مرة مع رسول الله (ص) نحو جبل أحد ، فقال : يا أبا ذر أتبصر أحدا؟ قلت : نعم يا رسول الله. قال : ما أحب أن يكون لي مثله ذهبا أنفقه في سبيل الله ما عدا قيراطين أموت وأتركهما. قلت : أو قنطارين يا رسول الله. قال : بل قيراطين ..
(أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) حتى لو ارتقيت وصعدت إلى المريخ أو ما هو أبعد منه بلا سلّم أو أية وسيلة ، قد نفكّر وننظر إذا أنزلت معك صحيفة منشورة نقرأها ونتدبرها! وهذا الطراز من المشاكسين والمعاكسين موجود في كل زمان ومكان ، والقرآن الكريم يعبّر عن هذه الظاهرة المنتشرة في كل المجتمعات ، لا في المجتمع القديم فقط أو المجتمع الذي عاش فيه النبي بالخصوص ، وعند تفسير الآية ١١ من هذه السورة قلنا : إن لكل صنف وفرد من الناس صورة وهوية في كتاب الله. وهذي واحدة منها (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) يأتمر بأمر من أرسله وينتهي بنهيه. وتقدم في الآية ١١ من إبراهيم وغيرها ٩٤ ـ (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) وفي الآية ٣٤ من «المؤمنون» : (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) والذين قالوا هذا يعبدون أصناما من صنع أيديهم! ومحمد يدعو إلى الله الذي ليس كمثله شيء ، وهكذا الجاهل الغر يناقض نفسه بنفسه من حيث لا يريد ولا يشعر ٩٥ ـ (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) ولما كنتم بشرا لا ملائكة بعثنا فيكم رسولا منكم لأن شبيه الشيء منجذب إليه ، ومعنى مطمئنين هنا ساكنين. وتقدم في الآية ٩ من الأنعام.
٩٦ ـ (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً ...) تقدم في آخر الرعد ٩٧ ـ (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ) أي من كان يعلم الله والواقع مهتديا لا باعتقاده وزعمه (فَهُوَ الْمُهْتَدِ) وإلّا فهو كذّاب أشر (وَمَنْ يُضْلِلْ) أي من كان ضالا بعلم الله والواقع (فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) لا ناصر ولا شفيع عند الله لأهل الفساد والضلال. وفي نهج البلاغة : الغنى والفقر بعد العرض على الله (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) كناية عن أليم العذاب وشدته لكل عات وباغ لا يكترث بدين وضمير ولا بحساب وعقاب كما أشار سبحانه بقوله :