٨ ـ (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها) على الأرض (صَعِيداً جُرُزاً) كل من عليها فان ، ويبقى وجه الله سبحانه وعمل الخير لوجهه.
٩ ـ (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ) المغارة الواسعة (وَالرَّقِيمِ) ومن معانيه الكتاب المرقوم ، وفي الآية ٩ من المطففين (كِتابٌ مَرْقُومٌ) فإن كان هذا هو المراد هنا فالمعنى أن أسماء أصحاب الكهف مسجلة عندنا في لوح أو كتاب أو كناية عن علمه تعالى بأسمائهم (كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) يقول سبحانه لمن يرى العجب في قصة أهل الكهف : أتظن أن أمرهم عجب في قدرة الله؟ إن سائر مخلوقاته أعظم وأعجب.
١٠ ـ (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) لجأوا إليه ، واختبأوا فيه فرارا بدينهم وضميرهم من الجبابرة الطغاة (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ...) نسترحمك ، ونستغيث بك ، فاكشف عنّا ما نحن فيه.
١١ ـ (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) ألقى سبحانه عليهم النوم الثقيل لا يستيقظون منه بحال العديد من السنين.
١٢ ـ (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) أيقظناهم من النوم (لِنَعْلَمَ) أي ليظهر علمنا للناس بمقدار ما لبث أهل الكهف (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) اختلف الناس على حزبين أي على قولين في أهل الكهف وهم بعد في الكهف : كم مضى عليهم من السنين عددا؟ فمن مقلّ ومن مكثر.
١٣ ـ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) يا محمد (نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) كان الناس في عهد الرسول (ص) يتحدثون عن أهل الكهف رجما بالغيب ، فقال سبحانه لنبيّه : نحن نخبرك عن أمرهم ، وفيما يلي الحكاية من أولها : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) وليسوا كهولا ولا شيوخا بلغوا من الضلال والفساد عصيا (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) شباب على فطرة الله وصفائها ، يستوحشون من الباطل والضلال ولا تركن نفوسهم إلا للحق والصدق ، رأوا قومهم في سكرتهم يعمهون ، فخافوا على دينهم من سوء العاقبة بعلاقة الجوار ، فتركوا الوطن والأموال ، واعتزلوا في كهف لا يراهم فيه أحد متوكلين عليه تعالى صابرين محتسبين. ومن توكل على الله كفاه.
١٤ ـ (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) بالثبات وقوة العزم (إِذْ قامُوا) تمردوا على تقاليد قومهم الذين يعبدون الأصنام (فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) أي ابتعدنا عن الحق والواقع ، ثاروا على التقليد ، ونطقوا بكلمة الحق والتوحيد ، ولم يعدوا وراء الجاهلية الجهلاء ودين الأجداد والآباء ... وهذي صورة نيّرة خيّرة يرسمها القرآن الكريم للشباب الطيب الثائر على الضلال والباطل ، إلى جانب الصور المظلمة الشريرة للشيوخ الفاسدين والجبابرة المترفين.
١٥ ـ (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا ...) الأصنام أربابا ، ولا دليل إلا العمى والجهل والافتراء على الله والحق.