تظهر الأفعال التي يستحقون بها الثواب والعقاب (حَتَّى إِذا رَأَوْا) أي المترفون الطغاة (ما يُوعَدُونَ) الشيء الموعود به وهو (إِمَّا الْعَذابَ) في الدنيا ولو بالقتل والأسر (وَإِمَّا السَّاعَةَ) الحشر والحساب. وعندئذ (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) الكافرون الأغنياء أو المؤمنون الفقراء؟ إن الغنى والترف ليس مقياسا للخير والفضل ، والفقر والخصاصة ميزانا للشر والضعة ، وإنما العمل وحده هو الميزان والمقياس
٧٦ ـ (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) المسببات تجري على أسبابها ، فمن أخذ بسبب الخير او الهداية أخذ الله بيده ، وشمله بعنايته ، ومن أخذ بسبب الشر والضلالة يعامله جلت حكمته ، بما اختار لنفسه.
(وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا) أي عاقبة ، وليست الجمعيات والأحزاب من الباقيات الصالحات في شيء إلا أن تعمل لخير الأجيال ، لا للهتاف والتصفيق لرئيس الجمعية أو الحزب.
٧٧ ـ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) جاء في الأحاديث النبوية والتفاسير القرآنية : أن العاص بن وائل والد عمرو بن العاص ، لما سمع بذكر البعث قال ساخرا : لأوتين في الآخرة مالا وولدا ، وظاهر الآية يدل على أن زنديقا قال هذا.
٧٨ ـ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) من أين جاءه هذا العلم؟ هل عنده مفاتيح الغيب أم أخذ ميثاقا من الله بذلك؟.
٧٩ ـ (كَلَّا) لا هذا ولا ذاك (سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) حفظنا أقواله ، وسنزيده من أجلها عذابا فوق عذاب ٨٠ ـ (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) نسلبه أمواله وأولاده بموته وهلاكه (وَيَأْتِينا فَرْداً) بلا مال ولا بنين ، وتمثل ابن كثير عند تفسير هذه الآية بقول الشاعر : فليت فلانا مات في بطن أمه وليت فلانا كان ابن حماره.
٨١ ـ (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) يعتزون ويستنصرون بغير الله والحق.
٨٢ ـ (كَلَّا) من اعتزّ بغير الله ذلّ (سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) غدا يتبرأ المعبودون من العابدين ويكون أولئك على هؤلاء خصماء أشداء ، وفي هذا المعنى الآية ٦٣ من القصص : تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون.
٨٣ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ) أي تركناهم ولم نردعهم بالقهر والجبر (عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) تزعجهم إزعاجا وتغريهم إغراء أو تطغى عليهم طغيانا ، قل ما شئت.
٨٤ ـ (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) لا تستبطئ يا محمد نزول العذاب بمن جحد وأفسد ، فنحن نحصي عليه أنفاسه إلى أجل ، وعنده يكون الحساب وفصل الخطاب.
٨٥ ـ (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) يفدون عليه سبحانه معززين مكرمين.
___________________________________
الإعراب : (إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) بدل من ما في قوله تعالى : (رَأَوْا ما يُوعَدُونَ). و (مَنْ هُوَ شَرٌّ) من اسم موصول مفعول لسيعلمون