٨٦ ـ (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ) ضربا بالسياط (إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) يردونها عطاشى ، فينهلون من الحميم والعذاب الأليم ٨٧ ـ (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) قلنا ونكرر بلا ملل : ان الشفيع الوحيد لدى الله سبحانه هو الحسنات وفعل الخيرات ، وعليه يكون الإنسان الشفيع مجرد شاهد أو مدافع يتوسل بما فعل المشفوع له من خير لعيال الله أو بأية طاعة ترضي الله.
٨٨ ـ ٩١ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) أبى النصارى إلا أن يجعلوا لله ولدا بصريح العبارة ، وهذا ما قالوه بنصه الحرفي : «الله الأب ، والله الابن ، والله الروح القدس ، فالأب هو الذي خلق العالمين بواسطة الابن ، والابن هو الذي أتم الفداء ، والروح هو الذي يطهر القلب والحياة غير أن الأقانيم الثلاثة يشتركون معا في جميع الأعمال الإلهيّة على السواء ـ قاموس الكتاب المقدس ص ١٠٧ وما بعدها طبعة سنة ١٩٦٤» وغضب سبحانه من هذا القول أشد الغضب ووصفه بالإد : الأمر الفظيع ، بأن السماء تكاد تتشقق وتتصدع. ، والأرض تخسف وتترعرع ، والجبال تسقط وتنهار لمجرد النطق بهذا الافتراء.
٩٢ ـ (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) أولا لأن الولد يشبه أباه ، والله سبحانه ليس كمثله شيء. ثانيا لأن كل من ولد له فهو متولد من غيره بالتناسل المعروف أو بطريق النشوء كتولد النبات من البذر ثالثا لقوله تعالى :
٩٣ ـ ٩٥ ـ (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً ...) مملوكا ، والمملوك غير الولد ، والمالك شيء والوالد شيء آخر.
٩٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) حبا ومودة في قلوب الناس جيلا بعد جيل ، وجاء في بعض التفاسير وكتب الفضائل أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب ، والتاريخ والواقع المحسوس يشهدان بذلك ، ومن التفاسير الكشاف للزمخشري والدر المنثور للسيوطي والتسهيل لمحمد بن أحمد الكلبي ، وتفسير المراغي ، ومن كتب الفضائل فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ١ ص ٢٧٧ نقلا عن الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٧.
٩٧ ـ (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) القرآن الكريم (بِلِسانِكَ) يا محمد (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) جمع ألد ، وهو الذي يتشدد في الخصام والجدل ، والمعنى أن الله سبحانه أنزل القرآن بلغة العرب ، ليسهل عليهم فهمه وهضمه ، ويكون بشيرا لمن آمن واتقى ، ونذيرا لمن جحد وبغى ، وتقدم في الآية ٢ من يوسف.
٩٨ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) أهل عصر (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) هل ترى أحدا من نسلهم؟ (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) صوتا أو همسا وختاما نشير أن معجزة القرآن الكريم لا تستمد من لغته وبلاغته وكفى ؛ بل ومن عقيدته وشريعته وأخلاقه ، وسائر تعاليمه. والصلاة والسلام على كل من فهم وألهم علم القرآن ، وعمل به.
___________________________________
الإعراب : فاعل (يَنْبَغِي). وان نافية وكل مبتدأ وآتي خبر أي ما منهم أحد (إِلَّا آتِي).