١١ ـ ١٢ ـ (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) دنا موسى مما ظنّه نارا ، فإذا هو نور أبهى من نور الشمس ، وإذا بصوت رهيب : أنا ربك (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) تأدبا وتواضعا (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) في المكان المطهر المبارك.
١٣ ـ (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) ولا يختار سبحانه لدينه ووحيه إلا صفوة الأمناء ، وتقدم في الآية ١٤٤ من الأعراف ، ثم بيّن سبحانه أن الدين الذي أوحى به إلى موسى يقوم على أصول ثلاثة : الأول التوحيد ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :
١٤ ـ (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) الأصل الثاني التعبد لله وحده : (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) لا تذكر فيها شيئا سواي. الأصل الثالث البعث :
١٥ ـ (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) أي أكاد أخفي وقتها حتى عن نفسي ، مبالغة في كتمانها وعدم إظهارها ، ونعطف تفسيرنا هذا على العديد من التفاسير المضطربة لهذه الآية (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) أخفى سبحانه العلم بوقت الساعة ليترقب العباد وقوعها في كل حين ، فيخافوا منها ويعملوا لها ويستوفوا جزاء المقاصد والأعمال.
١٦ ـ (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها ...)
لا تتبع أيها الراشد البالغ سبيل من كذب بالبعث ، فتهلك كما هلك.
١٧ ـ (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) لكل نبي معجزة يقتنع هو بها أولا وقبل الناس ، ثم يعرضها عليهم ، ويتحداهم بها وهو على عين اليقين ، ولذا سأل سبحانه موسى : ما تلك؟ على وجه التقرير والتأكيد بأنها هي عصاه بالذات التي يعرفها دون سواها ، وبعد أن ١٨ ـ (قالَ) موسى : (هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي) أضرب بها الشجر فيتساقط الورق للغنم ، بعد هذا الإيقان والعيان.
١٩ ـ ٢٠ ـ (قالَ) له القادر المقتدر : (أَلْقِها يا مُوسى فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) خشبة يابسة تحولت فجأة إلى حية! بأية مناسبة وقرابة؟ ومن هنا ارتاع موسى وولى مدبرا كما في الآية ١٠ من النمل.
٢١ ـ (قالَ) سبحانه لموسى : (خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) إلى حالها كما كانت أول مرة.
٢٢ ـ ٢٣ ـ (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) أدخل يدك في جيبك كما في الآية ١٢ من النمل (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى) من غير آفة وعاهة ، وتقدم في الآية ١٠٨ من الأعراف.
___________________________________
الإعراب : إذ ظرف يتعلق ب (حَدِيثُ مُوسى). وفي نودي ضمير مستتر يعود الى موسى ، وهو نائب فاعل. وانا تأكيد. و (طُوىً) بدل من الوادي. و (لِذِكْرِي) متعلق بأقم. و (لِتُجْزى) متعلق بآتية. و (فَتَرْدى) في محل نصب بجواب النهي.