٦٨ ـ (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) القرآن ، وفيه النور والعلم والهداية إلى كل خير وفضيلة ، وما أنزل الله على نبي من أنبيائه كتابا أجمع منه وأكمل عقيدة وشريعة وآدابا (أَمْ جاءَهُمْ) محمد (ص) (ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) هل ابتدع محمد فكرة النبوّة من عنده وإنزال الكتب من وهمه؟ فمن قبله نزلت الكتب ، وبعثت الرسل ، ولهم أمم وأتباع (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) ـ ٩ الأحقاف».
٦٩ ـ (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ما ذا عدا مما بدا؟ بالأمس نعت مشركو قريش محمدا (ص) بأنه أرجحهم عقلا وأصدقهم قولا ، وأعظمهم أمانة ، واليوم يتهمونه بالكذب والافتراء.
٧٠ ـ (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) لا يدري ما يقول؟ فهل القرآن من هذي المجانين ووحي الشياطين؟ (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) جاءهم محمد (ص) بالعدل والمساواة في جميع الحقوق والواجبات ، ولا امتياز لإنسان على إنسان إلّا بما يسديه من خيرات وخدمات للمجتمع والأفراد ، ومن هنا جاء الحقد والغيظ والكراهية.
٧١ ـ (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) الحق هو المصدر الأول للأديان والقوانين والشرائع ، ولو نزلت الأديان على ما يشتهون ، وشرّعت القوانين كما يهوون ـ لعمّت الفوضى ، وساد الضلال ، وهلك الحرث والنسل ، واحتكروا الكون بمن فيه وما فيه لأنفسهم وأولادهم وأصهارهم ، وقد رأينا وقرأنا ما فعل ويفعل الأقوياء المجرمون من البغي والفساد والتخريب والتدمير والسّلب والنهب وما يفوق التصوّر (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) لقد أنشأ محمد (ص) برسالته وعظمته للبشرية كلها تاريخا جديدا ، وبخاصة للعرب ، وبصورة أخصّ لقريش الذين أنقدهم من دياجير الجهل والضلال ، فأنكروه وحاربوه ، ولو لاه لم يكونوا شيئا مذكورا ٧٢ ـ (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) أي أنت يا محمد تعمل لخير الناس ، وتضحّي بالكثير من أجلهم ، ولا تبتغي منهم جزاء ولا شكورا (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) بل تحتسب ذلك عند الله ، وعليه وحده أجرك وثوابك ٧٣ ـ ٧٤ ـ (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) يقول سبحانه لنبيّه محمد (ص) : إن الله زوّدك بالحجج الكافية الوافية على أن دعوتك هي النور والحق المبين ، وان من رفضها وأعرض عنها فقد ضلّ عن نهج السبيل ، وبحسبك هذا ناصرا على عدو الله وعدوك.
٧٥ ـ (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) بعد هجرة النبي (ص) من مكّة إلى المدينة فرارا من الجور والأذى ـ أخذ سبحانه أهل مكّة بالقحط والمحل والجوع والشدّة حتى أكلوا دم القراد مع وبر البعير ومعنى الآية أن الله سبحانه لو رحم أهل مكة ، وكشف عنهم ما بهم من بأساء وضرّاء لتمادوا في الغيّ والضلال ، ولم ينتفعوا بالبلاء ودروسة ٧٦ ـ (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) أنزل سبحانه بهم المصائب والشدائد عسى أن يؤوبوا إلى الرشد ، ولكنهم (فَمَا اسْتَكانُوا) أي ما خضعوا وتواضعوا ولا تضرّعوا في الدعاء إلى الله.
٧٧ ـ (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) وهو عذاب الجحيم الأليم (إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) متحيّرون فيما حل بهم من عذاب آيسون من النجاة.