٤٣ ـ ٤٤ ـ (أَلَمْ تَرَ) أيها الإنسان العاقل (أَنَّ اللهَ يُزْجِي) يسوق بالأسباب الكونية التي أودعها في الطبيعة (سَحاباً) متفرقا (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) يجمعه (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) متكاثفا بعضه فوق بعض (فَتَرَى الْوَدْقَ) المطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) من بينه (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ) كناية عن السحاب (فِيها مِنْ بَرَدٍ) ماء متجمد في قطع ثلجية (فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ) ينزل سبحانه المطر والبرد في أرض دون أرض تبعا لسنن الكون مباشرة ولمشيئته بواسطة هذه السنن ، لأنه هو الذي خلق الكون بكل ما فيه من سنن وعناصر وموجبات (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ) السنا بالقصر الضوء ، وبالمد المجد ، والضمير في برقه للسحاب (يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) يخطفها إذا تابعته ولم تحد عنه.
٤٥ ـ (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) وحقيقة الماء واحدة مع أن الدابة التي خلقت منه متنوعة (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالحية وما شاكلها من الزواحف (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كالإنسان والطير (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) كالأنعام وسائر الحيوانات (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) إن شاء كان ، وإن لم يشأ لم يكن.
٤٦ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) من النملة الصغيرة إلى المجرة الكبيرة ، إلى كل حي وجامد ، فتبارك الله رب العالمين.
٤٧ ـ (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا.) يشير سبحانه بهذا إلى المنافقين الذين لاقى منهم النبي أشد مما لاقاه من اليهود والمشركين (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أعرض فريق من المنافقين عن العمل بموجب الإيمان بعد إعلانه والفريق الآخر أقرّ هذا الإعراض ورضي به (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) إشارة إلى كل من أضمر غير ما أظهر ، لأن الإيمان لا ينفصل عن العمل.
٤٨ ـ (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا
(اللغة :) يزجي يسوق سوقا رفيقا. ركاما متراكما بعضه فوق بعض. ويؤلف يجمع. والودق المطر والقطر.
___________________________________
الإعراب : (مِنْ جِبالٍ) بدل اشتمال (مِنَ السَّماءِ) مع اعادة حرف الجر. وقال الطبرسي : فيها متعلق بمحذوف صفة لجبال ، ومثلها (مِنْ بَرَدٍ) أي صفة بعد صفة. (مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) ، و (مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) من استعملت هنا فيمن لا يعقل.