فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) وأوضح تفسير لهذه الآية ما قيل في سبب نزولها : أن منافقا ويهوديا تخاصما على شيء فدعاه اليهودي إلى المحاكمة عند محمد (ص) ودعاه المنافق إلى كعب الأحبار اليهودي.
٤٩ ـ (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) كل محق يطلب المحاكمة عند محمد (ص) حتى ولو كان جاحدا بالله ورسوله ، وكل مبطل معاند للحق يطلب المحاكمة إلى الجبت والطاغوت حتى ولو نطق بالشهادتين وهذا أسوأ حالا عند الله من الجاحد الكافر ، ما في ذلك ريب.
٥٠ ـ ٥١ ـ (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) بغض وكراهية لرسول الله (ص) (أَمِ ارْتابُوا) وشكوا في نبوته وعصمته (أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) كلا ، إن الله ورسوله مبرءان من الحيف والجور حتى على كل من كفر بهما (بَلْ أُولئِكَ) الذين رفضوا حكم الله والرسول (هُمُ الظَّالِمُونَ) للناس ولأنفسهم المعاندون للحق وأهله.
٥٢ ـ (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ ...) المؤمن لا يستنكف وينكص عن دعوة الحق حتى ولو ضحى بنفسه من أجلها ، وبهذه الصلابة وقوة الإرادة المؤمنة يفوز بالخير والدرجات عند الله تعالى.
٥٣ ـ ٥٤ ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ) حلف المنافقون الأيمان المغلظة لئن أمرهم النبي بالغزو والحرب ليسمعن له طائعين ، فزجرهم سبحانه عن الأيمان الكاذبة بقوله : (قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) لا تحلفوا ، إن طاعتكم هذه طاعة كذب ونفاق (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) قولا وعملا ، وظاهرا وباطنا ، لا كذبا ورياء (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) على الرسول البلاغ ، وعليكم السمع والطاعة ، ومن اهتدى فلنفسه ، ومن ضل فعليها.
٥٥ ـ ٥٦ ـ (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
___________________________________
الإعراب : (إِذا فَرِيقٌ) إذا فجائية وقعت في جواب الشرط لأنه جملة اسمية. و (مُذْعِنِينَ) حال من واو يأتوا. والمصدر من أن يحيف مفعول يخافون. و (قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) خبر كان ، والمصدر من أن يقولوا سمعنا اسمها ، أي انما كان قول السمع والطاعة قول المؤمنين. ويتقه الأصل يتقيه فحذفت الياء للجزم لأن الفعل المعطوف عليه مجزوم. وجهد مفعول مطلق لأقسموا لأنه مضاف الى الأيمان ، وهي بمعنى القسم. وطاعة خبر لمبتدأ محذوف أي أمرنا طاعة أو مبتدأ والخبر محذوف أي طاعة معروفة أمثل ، ومعروفة صفة طاعة.