١٤ ـ (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً ...) الثبور : الهلاك ، والمعنى يقال لهم : لا تدعوا اليوم على أنفسكم بهلاك واحد بل بالعديد من الويلات والهلكات.
١٥ ـ ١٦ ـ (قُلْ أَذلِكَ) إشارة إلى عذاب الحريق (خَيْرٌ) لا تفضيل هنا بل توبيخ (أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ ...) بنعيمها القائم ، وملكها الدائم (كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) أي لا بد أن يقع ، وأن للمتقي كل الحق في أن يسأل الله سبحانه الوفاء بوعده ، ولكنه تعالى يعطي بلا امتنان من سأله ومن لم يسأله.
١٧ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ...) يجمع سبحانه غدا بين المشركين والذين اتخذوهم شركاء لله ، ثم يسأل الفريق المعبود : أأنتم دعوتم هؤلاء الضالين إلى عبادتكم؟
١٨ ـ (قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) كيف ندعوهم إلى عبادتنا ، ونحن نعبدك ونخافك؟ (وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) أنت يا إله العالمين أمهلتهم طويلا ، كما أمهلت آباءهم من قبل (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) وهو الذي أنزله سبحانه على لسان رسله (وَكانُوا قَوْماً بُوراً) هلكى بما كسبت أيديهم ، وما لنا عليهم من سلطان.
١٩ ـ (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) يخاطب سبحانه المشركين ، ويقول لهم : هؤلاء الذين عبدتم من دون الله قد كذبوكم فيما زعمتم أنهم شركاء يقربونكم من الله زلفى (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً) أن تصرفوا عنكم العذاب (وَلا نَصْراً) ولا الإنتصار لأنفسكم.
٢٠ ـ (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) يا محمد (مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) إن الشرط الأساس في الرسول أن يكون أمينا على الرسالة ، وقادرا على الصبر في أدائها الكامل ، وأية علاقة لهذه المهمة بأكل الطعام والمشي في الأسواق؟ وتقدم في الآية ١٠٩ من يوسف وغيرها (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) الخطاب لجميع الناس ، والمراد بالفتنة الامتحان والاختبار ، فيختبر سبحانه الأغنياء بالفقراء : هل يؤدون إليهم عن طيب نفس الزكوات والأخماس الواجبة في أموالهم؟ ويبتلي الأقوياء بالضعفاء : هل يعاملونهم
___________________________________
الإعراب : وثبورا مفعول به. و (خالِدِينَ) حال من واو (يَشاؤُنَ). واسم كان على ربك ضمير مستتر يعود الى ما يشاءون أي كان الذي يشاءونه وعدا على ربك. (هؤُلاءِ) بدل من عبادي. و (سُبْحانَكَ) منصوب على المصدرية. و (مِنْ أَوْلِياءَ) من زائدة اعرابا وأولياء مفعول أول لنتخذ ، ومن دونك مفعول ثان مقدم ، والمصدر من أن نتخذ فاعل ينبغي. والجملة من (إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ) الخ حال من المرسلين أي إلا وهم يأكلون ، ولا وجه لجعل الجملة مستثنى كما قال صاحب مجمع البيان لأن جميع الرسل يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق دون استثناء.