بالعدل أو الجور؟ ويمتحن الأنبياء المرسلين بتكذيب المرسل إليهم وصنوف الإيذاء والبلاء ، وهكذا يبتلي المؤمن الصالح بمرأة سوء أو ولد عاق أو جار مضار (أَتَصْبِرُونَ) ومن لم يصبر على بلائه تعالى فليخرج من أرضه وسمائه ، أو كما قال الإمام علي (ع) : فاصبر مغموما أو مت متأسفا.
٢١ ـ (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) بعد الموت : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) فنراهم عيانا ، فيخبرونا أن محمدا هو نبيه ونجيه ، وتقدم في الآية ٩٢ من الإسراء (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) وكلنا يحمل هذه الروح العاتية المتمادية إلا قليلا ، ولكن نجهل بجهلنا.
٢٢ ـ (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) طلب هؤلاء من محمد (ص) أن تنزل عليهم الملائكة ، فأجابهم سبحانه بالإيجاب ، وأن الملائكة نازلة عليهم لا محالة ، ولكن لا بما يشتهون ، بل بعذاب النار وغضب الجبار من الساعة الأولى للنزع إلى ما لا نهاية (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) يسوغ في التفسير وأصوله أن يكون هذا من أقوال ملائكة العذاب للمجرمين : يحرم اليوم عليكم كل شيء إلا العذاب الأليم ، وأن يكون من أقوال المجرمين لملائكة العذاب : يحرم عليكم تعذيبنا والتنكيل بنا.
٢٣ ـ (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) الهباء : الغبار ، والمنثور : المتفرق ، والمعنى أن الجاحد المعاند قد يفعل الخير كإغاثة ملهوف أو صلة رحم ، ولكن هذا لا ينجيه من عذاب أليم ، وإن انتفع به في شأن من شئونه ٢٤ ـ (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) وهم المتقون في حصن حصين ومقر أمين.
٢٥ ـ (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) المراد باليوم القيامة ، وبالانشقاق الإنفطار ، وبالغمام الكواكب ، وانها تتحول إلى ذرات ، وتصبح كالسحاب والضباب ، واستوحينا هذا المعنى من قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) ـ ٢ التكوير ... (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) ـ ٢ الإنفطار».
٢٦ ـ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) وحده لا دول عظمى تحتل مركز الصدارة ، وثانية صغرى تخضع للأوامر. وثالثة نامية تستجدي وتتسول ، ولا هيئة للأمم ومجلس للأمن ... أبدا لا شيء ولا شأن لأحد إلا لمن أتى الله بقلب سليم وعمل كريم ٢٧ ـ (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) كناية عن شدة الحسرة والندامة ، وهي نهاية كل من حاد عن طريق الحق والعدل ٢٨ ـ (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) المراد بفلان كل من أضلّ عباد الله عن الحق إلى الباطل ، وعن الخير إلى الشر.
٢٩ ـ (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) والذكر هنا يعم ويشمل كل ما فيه خير وصلاح ، أما المجيء فالمراد به التبليغ ، والمعنى أرشدني أهل العلم بدين الله إلى طريق النجاة ، فأعرضت واتبعت الغواة ، وتنطبق هذه الآية على من تابع وأيد الخونة المنافقين طمعا في الفتات وتلبية للشهوات.
٣٠ ـ (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ