١٦ ـ (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) في الملك والنبوة (وَقالَ) سليمان : (يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) لكل نبي معجزات وخوارق تدل على صدقه في نبوته ، وتختلف في نوعها تبعا للعصر والبيئة في أفكارها وتقاليدها ، وكانت معجزة داود إلانة الحديد ، ومعجزة سليمان تسخير الريح وبعض الجن والمعرفة بلغة بعض الطيور والحشرات. وقيل : ان الحيوانات بشتى أنواعها كانت تنطق بكلام الآدميين ، ومع الزمن حدث التطور المقلوب على العكس من نظرية دارون (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) نحتاج إليه في حياتنا.
١٧ ـ (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِ) نحن نؤمن بوجود الجن لأن القرآن يثبته والعقل لا ينفيه ، ونقل عن الشافعي أنه كان يبطل شهادة من زعم رؤية الجن (وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) المراد بالتوزيع أنه كان لكل صنف من هذه الأصناف قائد ووازع ، يحافظ على السير وغيره.
١٨ ـ (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ ...) قرأت في مجلة عالم الفكر الكويتية العدد الثاني من المجلد السابع مقالا مطولا بعنوان لغة الحيوان ، جاء فيه : استمر العلماء العديد من السنوات وهم يحاولون تفسير سلوك الحيوان ، حتى استطاع علماء هذا العصر متعاونين أن يحلوا ما استعصى على من سبقهم ، وأنشأوا علما جديدا ، سموه علم سلوك الحيوان وأثبتوا أن لكل صنف من الحيوانات والحشرات طريقة خاصة في التفاهم ، وهذا بالذات ما نطق به القرآن منذ ١٣٠٠ عام أو أكثر ، فمن أين جاء محمد (ص) بهذا وبما هو أعظم إن لم يكن من عند الله!؟ (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ) نملة لا تقتحمها الأعين تخاف على رعيتها أو جماعتها من الأقوى ومن أي أذى ، فتبذل ما في وسعها من جهد لصيانة أمتها وسلامتها ، وسجّل ذلك سبحانه في كتابه ، عسى أن يعتبر ويتعظ كل من بيده زمام أمر من الأمور : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ). حتى بالنمل والذباب ـ (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) ـ ٨٩ الإسراء».
١٩ ـ (فَتَبَسَّمَ) سليمان (ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) ألهمني (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) ومن أفضل الشكر كف الأذى عن الناس ، وأكمله على الإطلاق أن تسدي إليهم خدمة أو ترد عنهم نكبة.
٢٠ ـ (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) هل أخطأ بصري؟ (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) كان لسليمان صنوف من الطيور تأتمر بأمره ، وما هي في قفص أو أشبه ، وفي ذات يوم تعهد الطيور فلم يجد الهدهد من بينها فقال :
٢١ ـ (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) بالسجن أو نتف الريش ونحوه (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) حكم بالإعدام (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) بحجة وافية ومعذرة كافية.
٢٢ ـ (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ) غاب الهدهد يسيرا ، ثم
___________________________________
الإعراب : (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) في موضع الجزم جوابا للأمر وهو ادخلوا. و (ضاحِكاً) حال مؤكدة.