٣٢ ـ (قالَتْ : يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) هذه النون للوقاية لأن الأصل تشهدونني ، وحذفت النون الأولى لمكان النصب بأن المضمرة بعد حتى ، والمعنى أشيروا عليّ ، فلا أبت بأمر حتى تحضروا وتشيروا.
٣٣ ـ (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) والبأس يرادف القوة ، ولكن المراد بالبأس هنا النجدة والشجاعة ، وبالقوة العدد والعدة (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ) نحن مستعدون للقتال نخوضه حتى الموت إن شئت وإلا سكتنا وصبرنا طاعة لأمرك.
٣٤ ـ (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) ما قالت لهم : ان سليمان أقوى منكم وأعظم بما سخر له من الريح والإنس والجن والطير كيلا تثير فيهم النخوة والحماس ، ويلقوا بالبلاد والعباد إلى التهلكة ، بل عبّرت عن هذا المعنى بالذات بأسلوب أحكم وأسلم حين قالت : ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوا وأذلوا.
٣٥ ـ (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) نجرب هذا الرجل بالنفيس من الأموال ، فإن رضي به فهو طالب صيد ، وإن رفضه فهو نبي نتبعه وندخل في دينه.
٣٦ ـ (فَلَمَّا جاءَ) الرسول بهدية الملكة (سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) ولدي منه الشيء الكثير ، وأنعم عليّ سبحانه بما هو خير وأفضل هل من شيء يعادل النبوة والعلم؟ (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) أنتم تنقادون بالمال ، أما أنا فقائدي الحق والعدل.
٣٧ ـ (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) ارجع أيها الرسول بهديتك إلى قومك ، فسأغزوهم في عقر دارهم ، وأجعل أعزة أهلها أذلّة تماما كما قالت الملكة إلى الملأ من قومها تحذرهم ، ولما رجع الرسول ، وأخبر قومه بما كان ساروا والملكة إلى سليمان خاضعين مستسلمين.
٣٨ ـ (قالَ) سليمان : (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) طلب سليمان عرش الملكة التي تركته في حرز حريز ، لأنه أحب أن يريها آية تدل على نبوته وعظمته.
٣٩ ـ (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) ويحكى أن سليمان كان يجلس للقضاء وإدارة الشؤون من طلوع الشمس إلى زوالها.
___________________________________
الإعراب : أمرا مفعول قاطعة. و (تَشْهَدُونِ) بأن بعد حتى ، والنون للوقاية لأن الأصل تشهدونني. (فَلَمَّا جاءَ) فاعل (جاءَ) محذوف يدل عليه قول الملكة : وإني مرسلة إليهم ، والتقدير فلما جاء الرسول سليمان. (فَما آتانِيَ) ما مبتدأ وخير خبر. وأذلة حال من ضمير الغائب في لنخرجهم ، وجملة هم صاغرون حال.