٤٠ ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) ولا إنكار ولا غرابة ، فإن سفينة الفضاء تقطع في الساعة ثلاثين ألف كيلومتر ، وقال علماء الذرة : ان الإلكترون يدور حول قطبه ، ويقطع في دورانه مسافة ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية باعتبار فلكه ... وفي شتى الأحوال فإن العلم الحديث قد تجاوز كل مألوف ومعروف ومن كان يصدّق أن الإنسان يصعد إلى القمر ، وأن الزراعة في الفضاء ومن غير تراب ممكنة ومنتجة علما بأنها موجودة الآن في اليابان وإيطاليا والكويت ، ويدرس علمها في الجامعات. وبعد ، فإن القرآن الكريم ذكر الكثير الكثير من مبادئ العلوم بالعبارة أو بالإشارة ، أدركت الأجيال المتعاقبة طرفا منها ، وسوف تدرك الأجيال الآتية الكثير من خفايا القرآن وكنوزه : (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) ـ ٩ الحديد».
(فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) ما شعر سليمان إلا وعرش الملكة بين يديه (قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) وحوله وقوته لا من ملكي وسلطاني ، ولا من الجن والعفاريت كلا ، فهو وحده الذي أمد عباده بالعلم والقدرة والسلطان (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) المؤمن لا يطغى إذا استغنى ، لا يكفر إذا ابتلى ٤١ ـ (قالَ) سليمان (نَكِّرُوا لَها عَرْشَها) غيّروا شيئا منه لنرى و (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) أتعرفه أم يخفى عليها.
٤٢ ـ (فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ) نكّروا عرشها وسألوها عنه (قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ) لم تنف ولم تثبت تحرزا من الكذب ، لأن العالم أو العاقل لا يثبت ولا ينفي على الجزم إلا بدليل إذا لم تكن القضية بديهية (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) قال سليمان وقومه لما رأوا الملكة قد آمنت : الحمد لله الذي عرفنا بوحدانيته ، وهدانا إلى الإيمان به وباليوم الآخر.
٤٣ ـ (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) كانت هذه الملكة عاقلة وذكية ، ولا عيب فيها إلا الشرك الذي ورثته عن الآباء والأجداد.
٤٤ ـ (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ) القصر (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) اللجة : كثرة الماء ، والممرد : المملس ، والقوارير : الزجاج ، كان لسليمان قصر عظيم من زجاج شفاف يجري الماء من تحته يحسب الرائي أنه لا حائل بين الماء والماشي ، ولذا كشفت المسكينة عن ساقها لتخوض الماء ، فأعلمها سليمان بالحقيقة (قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أسلمت وحسن إسلامها. وفي قاموس الكتاب المقدس ص ٤٥٢ : ما نصه بالحرف «تقول التقاليد العربية : ان اسمها بلقيس ، وانها ولدت ابنا لسليمان ، ولكن لا يوجد دليل تاريخي صحيح يبرهن هذه التقاليد». اطلعت على هذا النقد بعد أن طبع المجلد الخامس من التفسير الكاشف.
٤٥ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) تقدم
___________________________________
الإعراب : (نَنْظُرْ) مجزوم بجواب نكروا. و (ما كانَتْ) ما فاعل صدّها. ورب العالمين بدل من كلمة الجلالة.