اللاعنين عليهم وعلى كل مضلل مفسد وكل مراء حاسد (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) المخزيين المهلكين بنار الجحيم.
٤٣ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى) وهم فرعون وملأه وغيرهم ممن استحقت عليهم كلمة الهلاك.
٤٤ ـ (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) يشير سبحانه بهذا إلى الدليل القاطع على نبوة محمد وصدقه ، وخلاصته أن محمدا (ص) قد أخبر وحدث بكل ما جرى لموسى وعليه بالتفصيل وعلى طبق الواقع حتى كأن قد رأى وقد سمع علما بأنه ما رأى ولا سمع ، وإذن هناك سر ، وهو أن كل ما قاله محمد (ص) عن موسى ، وحي من السماء ، ويستحيل أن يكون إلا وحيا إلهيا لأن محمدا ما شاهد موسى ولا كان معه على الطور ، ولا قرأ ذلك في كتاب أو سمعه من محدث ، ومثل هذه الآية قوله : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) ٤٤ آل عمران».
٤٥ ـ (وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) قرونا : أمما ، وتطاول : طال ، والعمر : الأمد ، والمعنى خلقنا قبلك أمما يا محمد ، وأرسلنا إليهم رسلا مبشرين ومنذرين ولكن الأمم بعد الأنبياء كانت تنسى الوحي أو تحرّفه ، وقد طال أمد ذلك حتى أصبح الناس في جاهلية جهلاء ، واحتاجوا إلى نبي يخرجهم من الظلمات إلى النور ، فأرسلناك لهذه الغاية ، وأيضا أنت تخبر وتبيّن ما نزل من الوحي على العديد من الرسل ، وما جرى لهم وعليهم (وَما كُنْتَ ثاوِياً) مقيما (فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) لقد أخبرت الناس يا محمد عن مدين وأهلها ونبيها وما قال لهم وقالوا له علما بأنك ما ذهبت إلى مدين داعيا إلى الله ولا كنت فيها مع نبيّهم وإذن فمن أين أتاك العلم بذلك؟ أجاب سبحانه بقوله! (وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) أي نحن بعثناك رسولا ، وأوحينا إليك بذلك لتخبر الناس به لعلهم يتذكرون ويؤمنون بأن ما تقوله هو وحي من الله ٤٦ ـ (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) موسى وهذه الآية في محتوى الآية المذكورة قبل لحظة وهي (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى) ولا فرق بينهما إلا في اللفظ والمبنى ، وتكرار المعنى بأساليب شتى من دأب القرآن الكريم (وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) وفي معناه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ـ ١٠٧ الأنبياء» (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) في أمد معين ، كما قال سبحانه في الآية ١٩ من المائدة (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) ٤٧ ـ (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) لو لا هنا للامتناع ، والمعنى أرسلنا إلى الناس رسلا مبشرين ومنذرين لنقيم عليهم الحجة ونقطع عنهم الأعذار حين تصيبهم مصيبة العذاب عند الحساب والعقاب في يوم القيامة (فَيَقُولُوا رَبَّنا) لئلا يقولوا ربنا : (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ) لو لا هنا للسؤال والطلب ومثل هذه الآية قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ) ـ أي قبل الرسول ـ (لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) ـ ١٣٤ طه».
٤٨ ـ (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا ...) هذه الصورة القرآنية تعكس واقع المشاكسين والمعاكسين لكل حق وخير : ان لم يأتهم رسول قالوا : لو أتى الرسول ، وان أتى الرسول قالوا : لو كان كذا وكيت! وفي الآية ٢٤٦