من البقرة : (قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى) قال المعاندون لمحمد (ص) : لو جئت بعصا كما جاء موسى فأجابهم سبحانه بأن أمثالكم كفروا بموسى وعصاه ، ولو جاء بها محمد لكفرتم به ، وتعللتم بالأباطيل كما فعل الأولون. (قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) سحران : القرآن والإنجيل المنزل على عيسى أو التوراة المنزلة على موسى : وتظاهرا : تعاونا ، والمعنى قال المجرمون المعاكسون : نكفر بالقرآن والإنجيل ، لأن كلا منهما سحر ومكر يعضد أحدهما الآخر.
٤٩ ـ (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ) إن تك الكتب السماوية شرا وضلالا كما تزعمون ، فأتوا بكتاب خير وهداية ونحن معكم ، إن كنتم صادقين.
٥٠ ـ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) ولن يستجيبوا ، فقد تحدي القرآن بكل ما فيه البشرية على مدى العصور والأجيال وإلى آخر يوم ، فأين الداحض والناقض بمنطق الحس والعقل؟
بل على العكس فقد شهد بعظمة القرآن أقطاب الفكر في هذا العصر من غير المسلمين ، ونقلنا طرفا منها في هذا الوجيز وغيره مما نشرنا (فَاعْلَمْ) أن الذين يكذبون بالقرآن (أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) بلا حجة ودليل.
٥١ ـ (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) وهو التحدي ، ومنه (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ) ـ ٢٤ البقرة» ٥٢ ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) يعلن القرآن على الأجيال أن علماء أبرارا من اليهود والنصارى قد آمنوا بمحمد والقرآن ، وليس هذا إخبارا عن الغيب ، بل عن شيء مادي محسوس وملموس ، فلما ذا يخرس المكذبون بالقرآن ولا يقولون : هذه دعوى بلا أساس؟
٥٣ ـ (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُ) إذا تلي القرآن الكريم على العلماء الأبرار من أهل الكتاب ، يؤمنون بمحمد (ص) لأنهم قرأوا أوصافه في توراة موسى وإنجيل عيسى ، والحق باب من أبوابه تعالى يفتحه لكل من طلب الحق بقصد العمل به (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) بمحمد (ص) لأنهم يؤمنون بالتوراة والإنجيل والإيمان بهما إيمان بمحمد (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) ـ ١٥٧ الأعراف».
٥٤ ـ (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) : مرة على إيمانهم بالتوراة والإنجيل الصحيحين ، ومرة على إيمانهم بالقرآن صابرين على أذى السفهاء والمجرمين في سبيل الحق (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) لا يقابلون السيئة بمثلها ، بل يتنزهون ويصفحون (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) لوجه الله لا للسمعة وحبا بالشهرة.
٥٥ ـ (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا