لَتَنُوأُ) تثقل ، يقال : ناء به الحمل إذا أثقله (بِالْعُصْبَةِ) الجماعة يتعصب بعضهم لبعض (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ) كل الناس يسرون ويفرحون تماما كما يتألمون ويحزنون لأن الحزن والفرح طبيعة وغريزة في الإنسان ، وعليه فلا يسوغ النهي عن الفرح إلا إذا أدى إلى جريمة ورذيلة كالبغي والعدوان ، والمباهاة والمضاهاة ، والتبذير والإسراف.
٧٧ ـ (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) اجمع بين الدنيا والآخرة ، فلا تناقض وتضاد بينهما ، بل هما شيء واحد في الحكم إذا كانت الدنيا قوة ودعامة للدين ، وذلك بأن تحسن إلى عباد الله وعياله مما (أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) بما أنعم الله عليك ، وأن لا تغتر بالحياة الدنيا «فكم من مستدرج بالإحسان إليه ، ومغرور بالستر عليه ، ومفتون بحسن القول فيه! وما ابتلى الله أحدا بمثل الإملاء له» كما قال الإمام أمير المؤمنين (ع).
٧٨ ـ (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) هذا المال والنجاح الذي هو فيه ، من موهبته ومهارته ، وليس لله ولا لغير الله فيه يد ومشيئة ... وهكذا يبعث الغنى والمال الطائل الشعور في نفس الخسيس اللئيم بأن له الفضل والتفوق على خلق الله وعياله (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ) من هو أقوى وأغنى من قارون ، أمهله الله حتى إذا طمع وأمن العواقب أخذه أخذ عزيز مقتدر (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) الذين يتعالون ويفسدون ويظلمون الناس ولا ينتهون ، فهؤلاء وحدهم يدخلون النار بلا حساب ، أما سائر المجرمين فإنهم يعرضون لمنقاش الحساب.
٧٩ ـ (فَخَرَجَ) قارون (عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) في مراكبه وركائبه وخدمه وحشمه ، يعرض على الناس ثراءه وكبرياءه تحديا للذين نصحوه بالاعتدال (قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) ويأمنون العواقب : (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ) ليغرقوا في الشهوات والملذات.
٨٠ ـ (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) بالله وأنه يمهل ولا يهمل : (وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) وفي الحديث الشريف : «يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر».
٨١ ـ (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ ...) قال الإمام عليّ (ع) : «رب مغبوط في أول النهار قامت بواكيه في آخره» ، وأيضا قال : «ما قال الناس لشيء طوبى له إلا وقد خبأ له الدهر يوم سوء» والعكس صحيح ، فكم من ضعيف أصبح قويا وفقير صار غنيا! والعاقل لا ييأس من آجل ولا يفرح بعاجل.