٥١ ـ (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) ترجي : تؤخر ، وتؤوي : تضم ، والمعنى لا يجب عليك أن توزع لياليك يا محمد بين أزواجك بالسوية ، بل الخيار لمشيئتك (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) ابتغيت : عاشرت ، وعزلت : هجرت أي لك أن تعود إلى معاشرة من هجرت ، وهجر من عاشرت ، وفي تفسير ابن كثير نقلا عن البخاري : أن عائشة قالت لرسول الله (ص) : أرى ربك يسارع لك في هواك (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) متى علمت أزواجك يا محمد ان الأمر بيدك ، وليس القسم والتوزيع بالسوية فرض عليك ، ولا يحق لواحدة منهن أن تعترض ـ رضيت منك بما تشاءه أنت ، وتراه تفضلا وليس حقا لازما ... ومع هذا فقد كان النبي يساوي بين أزواجه.
٥٢ ـ (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) بعد أن أباح سبحانه لنبيه أنواعا من النساء كما سبقت الإشارة ، أوجب عليه في هذه الآية الاكتفاء بمن في عصمته فعلا ، وكنّ تسعا ، وحرم عليه أن يطلق واحدة منهن ، ويتزوج مكانها أخرى حتى ولو أعجبته ، وذلك مجازاة لأزواج النبي على حسن صنيعهن مع رسول الله واختيارهن الله ورسوله حين خيرن بين الطلاق أو الصبر على الضيق مع الرسول (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) من الإماء والسراري ، فتمنع بهن ما شئت ، ولا وجود لهن في هذا العصر.
٥٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ) كل بيت لا يسوغ دخوله إلّا بإذن من أهله سواء أكان البيت لنبي أم لشقي ، كما في الآية ٢٧ من النور ، ولكن لهذه الآية سببها الخاص ، وهو أن قوما من الطفيليين كانوا يتحيّنون وقت الطعام ، ويدخلون بيت النبي (ص) وينتظرون ، فإذا جاء أكلوا ولم ينصرفوا ، فنزلت الآية بالنهي عن ذلك (غَيْرَ ناظِرِينَ) أي منتظرين الطعام (إِناهُ) بكسر الهمزة بمعنى وعاء الطعام ، وبفتحها بمعنى وقت الطعام (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا) أما من غير دعوة فلا تدخلوا (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) انصرفوا إلى شأنكم (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) يدخلون قبل الطعام بلا استئذان ويمكثون ، فإذا آن الأوان أكلوا ، وإذا انتهوا من الأكل جلسوا للحديث والسمر (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَ) الله والملائكة والناس أجمعين (فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) النبي يكره وجودكم ، ولا يصارحكم بذلك حياء منكم ، ولكن أنتم لا تستحون ولا تعقلون ، وفي الحديث : من لا حياء له لا إيمان له (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) أي من النهي عن الأذى والتطفل. (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً) إن يك لأحد حاجة في بيت النبي فليسأل عنها ويتناولها (فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ولا يختص هذا ببيت النبي وحده ، بل يعم ويشمل كل البيوت ، وإنما ذكر بيت النبي ، لأنه السبب الموجب لنزول الآية ، والدليل
___________________________________
الإعراب : (وَامْرَأَتَ) عطف على أزواجك أي وأحللنا لك امرأة. و (خالِصَةً) حال من الضمير المستتر بوهبت. و (لِكَيْلا) متعلق بخالصة.