على الشمول قوله تعالى في بيان علة الحكم : (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) وأبعد عن الفساد والفتنة والأفكار السوداء عند الرجال والنساء (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) لأنهن بمنزلة أمهات المؤمنين وفي تفسير الرازي وروح البيان : «أن هذه الآية نزلت حين قال طلحة بن عبيد التيمي : لئن مات محمد لأتزوجن عائشة» ويؤيد ذلك قوله تعالى بلا فاصل :
٥٤ ـ (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) هذا تهديد ووعيد لمن أعلن أو أبطن الزواج بنساء النبي من بعده.
٥٥ ـ (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ ...) لما أوجب سبحانه الحجاب على النساء أباح لهن السفور والظهور لذوي المحارم المذكورين في الآية ٣١ من النور بتفصيل أشمل.
٥٦ ـ (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) سئل الإمام الرضا عليهالسلام عن معنى صلاة الله والملائكة والمؤمنين على النبي فقال : «الصلاة من الله الرحمة ، ومن الملائكة التزكية ، ومن المؤمنين الدعاء». وفي صحيح البخاري ج ٨ باب الصلاة على محمد قيل : يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال : قولوا أللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد .. والشيعة يقرنون بين النبي وآله في الصلاة عليه عملا بهذا الحديث ، والسنة يجمعون على صحة الحديث هذا ، ولكن لا يقرنون بين النبي والآل ـ في الغالب ـ وعلى أية حال فإن أفضل الصلوات على محمد وآله هو أن نتعلم سنته ونعمل بها ، ونعلمها للناس.
٥٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) والناس ، كل الناس ، (لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) المراد بإيذاء الله سبحانه غضبه على من عصاه ونقمته منه ، أما رسول الله (ص) فقد أوذي في الله أشد الإيذاء ، ومع هذا ضاعف الجهاد حتى ظهر دين الحق على الدين كله.
٥٨ ـ (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي ظلما وعدوانا (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) الأذى والظلم حرام محرم من حيث هو سواء أوقع على مؤمن أم كافر. فقد جاء في المجلد الثاني من أصول الكافي عن المعصوم (ع) : أن الله سبحانه لا يدع ظلامة المظلومين وإن كانوا كفارا. وإنما خصّ سبحانه المؤمنين بالذكر لأن الكفار والأشرار يقصدون المؤمنين الأتقياء بالظلم والأذى أكثر مما يقصدون الفاسقين الأشقياء ، بل هؤلاء من الأقربين الأنصار.
٥٩ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ
___________________________________
الإعراب : المصدر من أن يؤذن لكم في موضع الحال أي إلا مأذونا لكم. و (إِلى طَعامٍ) متعلق بيؤذن. و (غَيْرَ ناظِرِينَ) حال من فاعل تدخلوا. ولا مستأنسين عطف على غير ناظرين أي غير ناظرين ولا مستأنسين.