يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) جمع جلباب يغطي رأس المرأة ووجهها ، ويدنين : يرسلن ، وهذه الآية أوضح في الدلالة على وجوب الحجاب ، من قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) ـ ٣١ النور» وقوله : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ـ ٥٣ الأحزاب» ويؤيد قوة هذه الدلالة ورسوخها قوله سبحانه في علة الحكم : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) بالعفة والصون ، فإن الحجاب حاجز بين المحتجبة وطمع المعاكس المشاكس ، وفي بعض التفاسير القديمة : «إذا احتجبن عرفن أنهن حرائر ، ولسن بإماء ولا عواهر» (فَلا يُؤْذَيْنَ) بالنظرات المريبة والكلمات البذيئة.
٦٠ ـ (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) وهم أشد الناس كفرا في الواقع ، وفي الظاهر مع المؤمنين (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) اللصوص والزناة وجلاوزة المتزعمين المتطفلين (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) يثيرون الفتن ، وينشرون الأباطيل ، يضللون البسطاء (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) نأمرك يا محمد بتأديبهم ، كانت هذه الحثالة تعيث في الأرض فسادا ، فهددها سبحانه بأقسى العقوبات إلا أن تحجم وتكف ، ولا علاج لهذا الداء العياء إلا الاستئصال من الجذور ، ولذا قال سبحانه :
٦١ ـ ٦٢ ـ (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا) وجدوا (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) حيث لا وسيلة لخلاص الإنسانية من شرورهم ولا نجاة لها من ويلاتهم إلا السيف ... ولكن ما الحيلة إذا كانت القوة والسيطرة بالقهر للذين تعاني منهم الإنسانية كل ويل وشر ، كما هو الشأن في هذا القرن ـ العشرين ـ؟
٦٣ ـ (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ...) تقدم في الآية ١٨٧ من الأعراف وغيرها.
٦٤ ـ ٦٥ ـ (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ) بإبعادهم من رحمته إلى نقمته.
٦٦ ـ (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) تماما كما تدور الحبة في الماء حين غليانه.
٦٧ ـ (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) المنحرفين
___________________________________
الإعراب : جملة (يُدْنِينَ) مفعول قل. وذلك أدنى مبتدأ وخبر ، والمصدر من (أَنْ يُعْرَفْنَ) مجرور بمن محذوفة. و (لَنُغْرِيَنَّكَ) اللام واقعة في جواب قسم محذوف. ثم (لا يُجاوِرُونَكَ) عطف على لنغرينك. (إِلَّا قَلِيلاً) صفة لمحذوف أي الا زمنا قليلا. و (مَلْعُونِينَ) حال من فاعل يجاورونك ، أو منصوب على الذم والشتم أي اشتم وأذم. وأينما في محل نصب بثقفوا وثاني أخذوا. وسنة الله منصوبة على المصدر أي سن الله ذلك سنة في الأمم الماضية. (وَما يُدْرِيكَ) ما استفهام في موضع رفع بالابتداء ، ومعناها النفي ، وجملة يدريك خبر وفاعل الفعل محذوف أي وما يدريك بها أحد. و (قَرِيباً) صفة لمحذوف أي زمنا قريبا. و (خالِدِينَ) حال من الكافرين. ويوم متعلق بلا يجدون. (يا لَيْتَنا) يا لمجرد التنبيه وقيل : المنادي محذوف أي يا هؤلاء.